مسارات مئوية المملكة الأردنية الهاشمية

أ.د ابراهيم بظاظو / عميد كلية السياحة والفندقة – الجامعة الأردنية فرع العقبة
شملت مسارات مئوية الدولة الأردنية التي انتهجها الهاشميين خلال المئة سنة الماضية، رؤية شاملة وطويلة الأمد، شكلت خارطة طريق واضحة المعالم للدولة الأردنية، ارتكزت على تعزيز سمعة المملكة الأردنية الهاشمية على المستوى الدولي وقوتها الناعمة، لما يتمتع به الهاشميين من مكانة تاريخية وشرعية ودينية على المستوى الدولي والعالمي، مما أكسب الأردن الإحترام والتقدير بكافة هيئات ومؤسسات الأمم المتحدة، وأصبح ينظر للأردن كقصة نجاح في الوسطية والإعتدال، والنهج القائم على الإستيعاب والإحترام لكافة الأجناس البشرية.
استند مسار الدولة الأردنية منذ تأسيسها على الاستثمار في الموارد البشرية، والاهتمام بتمكين ورعاية الشباب، وإكسابهم بالمهارات والمعارف التي تستجيب مع التغيرات المتسارعة، والعمل كي تكون الأردن ريادية في هذا المجال على المستوى الإقليمي والدولي، بالاستناد إلى شعار الإنسان أغلى ما نملك، والذي أطلقه المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال، وعززه جلالة الملك عبدالله بن الحسين حفظه الله ورعاه، كما أنه محور اهتمام ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله حفظه الله ورعاه.
تستند مسارات مئوية الدولة الأردنية على أربعة مسارات رئيسية: تتمثل بحكومات تسعى إلى تحقيق الرفاه الاجتماعي، وتقدم رسائل إيجابية للعالم، إثر تبني أفضل التجارب والممارسات النابعة من استراتيجية وطنية لتعزيز تواجد الدولة الأردنية بكافة المحافل الدولية، وتعزيز سمعة الدولة من خلال بناء منظومة أخلاقية يشار لها بالبنان على المستوى الدولي في كافة القضايا الإنسانية من المشاركة في قوات حفظ السلام الدولية أو استقبال الآجئين في الأردن.
اعتمدت الرؤية الهاشمية الملكية منذ تأسيس إمارة شرق الأردن، وخاصة خلال الربع الأول من القرن الحالي على التعليم المستند على المستقبل من خلال تعزيز مستوى التدريس القائم على العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، لا سيما في مجالات أقمار النانوسات التي أطلقها سمو ولي العهد، والهندسة والابتكار والعلوم الطبية والصحية، وترسيخ القيم الأخلاقية والتوجهات الإيجابية، وتلك التي تُعلي من مستوى الاحترافية والمهنية في المؤسسات التعليمية، وتكوين عقول منفتحة على تجارب الدول المتقدمة، ووضع آليات لاستكشاف المواهب الفردية للطلبة منذ المراحل الدراسية الأولى، والتركيز على تمكين المدارس من أن تكون بيئة حاضنة في مجال ريادة الأعمال والابتكار، وتحويل المؤسسات التعليمية في الدولة إلى مراكز بحثية عالمية، بالتركيز على الاقتصاد المعرفي المتنوع.
تمحور اهتمام الهاشميين منذ تأسيس إمارة شرق الأردن على تعزيز التماسك المجتمعي، بترسيخ قيم التسامح والتماسك والتواضع والاحترام والولاء للأردن، حيث يوصف الأردن بالفسيفساء المجتمعية المتماسكة، وكذلك تمكين الشباب والنساء، وتطوير برامج تجعل أجيال المستقبل قادرة على إعطاء نموذج جيد عن الأردن في الخارج، والأهم هو زيادة مستوى التفاف الأردنيين حول وطنهم.
تعد الأوراق النقاشية التي قدمها جلالة الملك عبدالله الثاني خارطة طريق واضحة المعالم لدخول المئوية الثانية من رؤية متكاملة لمستقبل الدولة الأردنية: دولة مدنية حديثة تقوم على مؤسسات قوية والحوار والانفتاح والحكم الرشيد، الذي يتميز بالمشاركة المجتمعية والتعددية والتسامح وسيادة القانون، وهذا سمة الحكم في الأردن وكان دائما رسالة الهاشميين عبر العصور، حيث انتقلت الراية الهاشمية من الشريف الحسين بن علي، إلى المغفور له الملك عبدِالله الأول، ثم إلى المغفور له الملك طلال، ثم إلى المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراهم أجمعين، لتصل إلى جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه .