الشاشة الرئيسيةمحليات

الطفيله ايام زمان كتب بروفيسور ….شاكر المحاسنة

الغواص نيوز

بمناسبة شح الامطار في العام السابق اقتبست هذا المقال من كتابي الطفيله وذكرياتي عسى ان ينال اعجابكم
سنوات القحط
كانت ولا تزال كميات الامطار التي تسقط على منطقتنا تختلف من عام لاخر، وفي بعض السنين كانت غيركافيه لانبات الزرع وكذلك العشب، الامر الذي كان ينعكس سلباً على كل فلاحي المنطقه ،ففي عامي1947 و 1948شحّت الامطار واجدبت الارض وزرع الناس ولم يحصدوا وحدثت مجاعة شديده ادت الى ان يتغذى الناس على اعشاب الارض كالخبيزه والخردل والقطف والحميض. في تلك الاعوام, وانا اتذكرها جيداً ،عاش معظم الناس على التمر الذي كان يستورد من العراق في اوعيه من عسب النخل تسمى خسف (المفرد خسفه) تزن الواحده منها 50كغم واذكر اننا كنا نملك اربع بقرات كانت والدتي تحلبها وتروّب حليبها ونتغذى على اللبن والتمر، اما الخبز فلم نكن نراه لمدة ستة اشهر.وفي ذلك العام اذكر ان والدي اخذ كمية من زيت الزيتون وذهب بها الى ضانا لاستبدالها بشيء من الشعير.
كان تاثير القحط شديداً على قرى الثوابيه، عيمه وضباعه ورحاب، بشكل خاص بل كان اشد من بقية قرى الطفيله الاخرى مما مما اضطر الكثير من سكانها الى الهجره الى عمان وكان ذلك مصادفة مع النكبه الفلسطينيه، وقيل ان المرحوم فرحان الشبيلات (ابو غيث) وكان يومها اميناً للعاصمه قد ساعدهم للخروج من محنتهم هذه. وهم هناك اليوم في عمان في حي الطفايله مقابل القصور الملكيه الحي الذي اقاموه لهم باسم الطفايله لهم مني ومن الجميع كل الاعتزاز والتقدير.
لم تكن تلك الاعوام العجاف فقط هي التي اثرت على المنطقه بل تلتها اعوام عصيبة اخرى اثرت ليس فقط على الانسان بل الحيوان ايضاً مما اضطر الكثير من الاهالي للتخلص من مواشيهم لقلة الاعلاف. واتذكر ايضاً ان والدي قد ساق اربعة رؤوس من البقر، تلك ما كنا نملك الى عمان مشياً وباعها في منطقة بيادر وادي السير بثمان واربعين ديناراً وذلك للتخلص من اِعلافها.
الجيل الذي سبقنا ايضاً كان يتعرض لمثل تلك الاعوام ، فقد حدثتني والدتي انه في طفولتها حدثت مجاعه ذهب على اثرها والدها الى مدينة الخليل، مشياً بالطبع، ومن هناك اشترى مداً من القمح جلبه على ظهره الى الطفيله لينقذ اطفاله من الجوع.
في اواخر الخمسينات اصبحت الطرق اسهل من ذي قبل واظن ان البواخر كانت تنقل الحبوب والاعلاف الى العقبه واصبحنا نجد ما يعرف بقمح الصدقه (هكذا نسميه) وهو قمح ياتي من الخارج واضن من امريكا ولا اعرف ان كان هبة او مُشترى. ذلك القمح ذو لون بني مائل الى السواد وطري حتى ان الكثير من الاهالي يفضلون طحين الشعير عليه. من ذكرياتي في تلك الاعوام عن نوع من السكر الخام ذو اللون البني وتلك الكومة منه شاهدتها في احدى غرف بلدية الطفيله ومن على سطحها تتحرك بلورات السكر لتنحدر الى الاسفل وكنت اضن خطأً ان بداخلها شيء من الدود، وقد كان هذا السكر يوزع مجاناً على الاهالي. والسبب كما عرفته لاحقاً ان جميع المصانع في العالم كانت موجهة للانتاج الحربي بسبب الحرب العالميه الثانيه وكان لا بد من اختصار مراحل صناعة السكر هذه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى