الشاشة الرئيسيةمحليات

بيع رواتب التقاعد.. الفقر يلتهم الحماية الاجتماعية

الغواص نيوز

خلال الأشهر القليلة الماضية، لوحظ عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمجموعات عبر موقع فيسبوك، إعلانات لبيع الرواتب التقاعدية للمستفيدين من الضمان الاجتماعي أو المدني والعسكري.

تساؤلات عديدة طرحت حبال أسباب اللجوء إلى بيع هذه الرواتب وكيفية صرفها وما الذي يقود أصحابها للتخلي عنها مدى الحياة.

خلال بحث ولقاءات عديدة أجراها “المرصد العمّالي الأردنيّ” مع متقاعدين وخبراء، تبيّن أن سوء الوضع الاقتصادي اعتبر من أسباب عرض المتقاعدين رواتبهم للبيع، إذ أفاد متقاعدون عرضوا رواتبهم للبيع أنها لا تكفي لتأمين حياة كريمة لهم ولأبنائهم وتبقيهم تحت.

فضلا عن ذلك فإنّهم يتجهون إلى الحصول على مبلغ ماليّ محدد ربما يصل إلى 60 ألف دينار يوفر لهم مشروعاً استثماريا، أو لتدريس أبنائهم أو للهجرة.

وأكد عدد منهم أنّ الرواتب لو كانت مجدية وضامنة لحياة كريمة لما عرضوها للبيع، فالمبلغ المتأتي من بيعه واستثماره في مشروع ربما يكون أضمن من الراتب التقاعدي وأجدى.

يأتي ذلك مع تصريحات حكومية أخيرة قدرت نسبة الفقر بـ 24% من إجمالي سكان المملكة الذين يجاوز عددهم 10 ملايين نسمة، إضافة إلى نسبة بطالة وصلت نحو 25% خلال الربع الأول.

في مواجهة ذلك، اتخذت مؤسسة الضمان الاجتماعي قراراً بوقف الوكالات الممنوحة من المتقاعدين لأشخاص يسمح لهم بموجبها الحصول على الرواتب، كإجراء احترازي للحد من عمليات البيع.

غير أنّ الوكالة في مؤسسة، كالضمان الاجتماعي ووزارة المالية، ليست الوسيلة الوحيدة لانتقال الراتب، فأحد الوسطاء في عمليات بيع الرواتب يقول لـ”المرصد العمّالي” إنّ البائع يكتب وكالة رسمية في البنك الذي يضم حساباته، يحول فيها المبلغ مباشرة إلى حساب المشتري أو يسمح له بصرفها نيابة عن صاحب الراتب الأصلي.

وهو لقاء وساطته وإيجاد شارٍ لهذا الراتب، حصل فيما سبق على عمولة قاربت 10 آلاف دينار، وبحسب قوله، كل ذلك لأن “المواطن ما معه ياكل، يخذ هالمبلغ يعيش معه كم يوم ويموت”.

الثلاثيني رائد (اسم مستعار) الذي تقاعد من السلك العسكري قبل أشهر، عرض راتبه، الذي يبلغ 361 دينارا، للبيع في منشور عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، على غرار العديد من منشورات رصدت في عدة مجموعات.

بحسب رائد، الذي يسكن في لواء الأغوار الشمالية، فإنّ الوضع المادي أدى به لهذه الخطوة، ما جعله مستعدا للتخلي عن راتبه مقابل مبلغ ماديّ قد يفوق الـ 60 ألف دينار.

ويستذكر أنّ أحد معارفه باع راتبه البالغ 307 دنانير، لمستثمر عراقيّ بمبلغ 65 ألف دينار، وهو ما شجع رائد للبحث عن مشترٍ.

“ما سويت الشغلة هاي إلّا على بينة ومتأكد مش رح يخسر المشتري إشي” بهذه الكلمات يصمم رائد في البحث عن شارٍ لراتبه خصوصا وأنه ليس له ورثة بعد الوفاة، إذ أنه غير متزوج.

في الوقت الذي امتنع فيه بائعون عن الحديث، أكدّ متقاعدون عدم ممانعتهم عن الاستنكاف عن رواتبهم، بحثا عن فرصة لمشروع أو هجرة خارجية، أو حتى لضمان أن يكفيهم لما تبقى من العمر، متفقين جميعاً على أنّ الراتب التقاعدي لا يكفي لتأمين حياتهم وأبنائهم.

من جانبه، يؤكد المستشار القانوني موسى الصبيحي أنّ مشتري الراتب التقاعدي يحصل على “سمك في الماء” أي أنّه غير مضمون، لأنّه وبمجرد وفاة المؤمن عليه أو المتقاعد فإنه ووفقاً للقانون يتوقف صرف الراتب استعداداً لنقله إلى الورثة.

ويوضح الصبيحي لـ”المرصد العمالي الأردني” أنّ بعض البائعين يحاولون إقناع المشتري بحجة وكالة مدى الحياة تُسقط حق الورثة، الّا انّ أي اتفاق بين الطرفين يسقط بموجب وفاة أحدهما.

ويستذكر أنّه تلقى عدة اتصالات من متقاعدين، أحدهم عرض بيع راتبه التقاعدي مقابل 12 ألف دينار فقط.
وأشار إلى أنّ المشكلة أيضاً في عدم تكييف قانونيّ لمسألة بيع الرواتب، فلا نص يعاقب عليه أو يذكر، فضلاً عن اعتمادهم على وكالات خارج نطاق المؤسسات الحكومية، كالبنوك مثلاً.

من جهته، بين الناطق باسم مؤسسة الضمان الاجتماعي شامان المجالي أنّ المؤسسة أوقفت صرف 1200 راتب قدم أصحابها وكالات لحصول شخص آخر عليها، على أنّ يقدموا رقم الآيبانIPAN” ” الخاص بحساباتهم البنكية للمؤسسة حتى تحول إليها فوراً.

ويشير المجالي، في حديثه إلى “المرصد العمّالي”، إلى أنّ المؤسسة لا تستطيع ملاحقة كل من يوقع وكالة في البنك حتى يصرف راتبه التقاعدي شخص غير المستفيد الأول، وحصر الوكالة بمتابعة معاملات التقاعد.

ويوضح أنّ إجراء بيع الرواتب التقاعدي غير وارد في القانون على الإطلاق “لا ما يتيحه أو يمنعه”، علماً بأنّ الراتب يقصد منه الحماية الاجتماعية والاقتصادية للمتقاعدين وورثتهم في حال وفاة المؤمن عليه.

وحاول “المرصد العمّالي الاردني” جاهداً التواصل مع مشترين، للوقوف على أسباب شراء الرواتب التقاعدية الّا أنّا لم نحصل على رد أحد منهم.

وكانت مؤسسة الضمان الاجتماعي أعلنت الشهر الماضي وقف العمل بالوكالات الممنوحة لرواتب التقاعد، للحد من هذه المشكلة.

وليست هذه المرة الأولى التي يشهد فيها بيع رواتب تقاعدية، فالمسألة معروف أنها قديمة جديدة، إذ أوقفت المؤسسة في عام 2016 الوكالات مؤقتاً للحد أيضاً من تكرار بيع الرواتب التقاعدية.
المرصد العمّالي الأردني – أحمد الملكاوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى