مرتزقة الصحافة وانين القلم

د. عبدالمهدي القطامين
نعم يئن القلم كثيرا هذه الأيام بعد ان لامسته اياد ليست طاهرة ولا مطهرة اياد خبيثة لها في كل عرس ضرس اياد تعرف من اين تؤكل الكتف ومن اين تهبر الهبرة اياد بينها والحقيقة بون شاسع وحكاية مجبولة بالمال السحت المتدفق من هنا وهناك .
هي أقلام مشتراة في سوق النخاسة ومباعة في سوق اشباه الرجال واشباه الصحفيين الذين ارتضوا ان يرهنوا حالهم لصاحب القرار وصاحب المال وصاحب الصولة يشكلهم كيفما شاء ثم يجود عليهم بمغلف كتب عليه فلان ابن فلان فيدسه في جيبه ويطير به فرحا ليطعم أولاده مالا حراما مصدره حرام مسراه حرام وحرام انفاقه .
ظاهرة شراء الأقلام ليست بجديدة في تاريخنا العربي فقد أسس لها عتاة الشعراء والكتاب في مراحل عمر الدولة الإسلامية ، وشعراء السلاطين وكتابهم كانوا في كل عصر وفي كل زمن يمدحون للوصول الى المال ويزيفون الحقيقة بل يقتلونها لصالح دريهمات لا تسمن ولا تغني من جوع ولعل شواهد التاريخ حاضرة في بال كل واحد منا لكن العصر الحديث شهد تغيرا جذريا في مفهوم القبض ولم يعد الشعر وحده هو مصدر ذلك القبض وملهمه بل اصبح الصحفي والإعلامي هو الأقرب الى وصف شعراء السلاطين ولعل نظرة واحدة على واقعنا يمكننا من ان نلمح بعض معطيات الواقع المر الذي يزيف كل حقيقة ويضلل كل رأي تبعا لمصدر النفع ومقداره .
والمتتبع لواقع جل الصحافة الإلكترونية وبعض الصحف الورقية يشاهد هذا الكم الهائل من الهز الصحفي لصالح المسؤولين فهم يتحدثون عن منجزات وهمية اوجدها بعض من تسلموا بعض المناصب وحين تفتش على ارض الواقع لا تجد شيئا مما ذكر بل خيبات متتالية ونكسات متتابعة في الأداء وترهل يعشعش في الكثير من المؤسسات والوزارات ولو كان المداحون صادقين لما رأينا كل هذا الخراب.
حين يتحول الصحفي الى صراف آلي يتم تعبئته لينطق حسب الحاجة ومقتضى الحال فان المجتمع يتحول الى مجتمع هلامي لا رأس له ولكن كله اذناب هناك في تلك المنطقة الرمادية يقتل الوطن ويستباح وتعدم الحقيقة وينعدم الولاء والانتماء ويصبح الشك بكل شيء هو ديدن الناس وهذا لا يعني ابدا ان نطعن كل مسؤول فمن الفضيلة أيضا ان نشيد بأداء المسؤول الذي نرى فيه الخير ونتوسم فيه الكفاءة والعفة والترفع عن الهبش من المال العام ومثل هؤلاء موجودون في الوطن لكنهم قلة يواجهون تغول عليهم من الفئة الباغية التي قتلت الوطن او كادت .