الشاشة الرئيسيةدولي

تلاعب في أعصاب أردوغان.. المُعارضة التركيّة مُتماسكة وتُعلن بالتوافق “السّداسي” مُرشّحها رسميّاً.. ما أسباب تراجع حزب “الجيّد” اليميني عن الانسحاب باللحظة الأخيرة؟

الغواص نيوز

يبدو أن تحالف المُعارضة التركيّة “السّداسي” نجح في التلاعب بأعصاب مُنافسه الرئيس التركي الحالي رجب طيّب أردوغان وتحالف الحزب الحاكم “العدالة والتنمية” مع الحركة القوميّة، فبعد إدخال السّرور لخُصومه بأنباء انفراط عقده، جاء من البعيد وجلس على طاولته في مقر حزب السعادة اليوم الاثنين في اجتماع دام لنحو 5 ساعات، وبقي التحالف “السّداسي” “سُداسيّاً”، مع تأكّد عودة رئيسة حزب “الجيّد” اليميني ميرال أكشينار” إلى الطاولة، والتي كانت قد انسحبت منها قبل 3 أيّام، وذلك اعتراضاً على ترشيح زعيم حزب الشعب الجمهوري المُعارض كمال قليجدار أوغلو للانتخابات الرئاسيّة، ورغبتها في أن يُنافس رئيس بلديّة إسطنبول أكرم إمام أوغلو، أو رئيس بلديّة أنقرة منصور ياواش على منصب الرئيس.
وأعلنت المُعارضة التركيّة رسميّاً مُرشّحها التوافقي مساء اليوم الاثنين بعد تمهّل وطُول انتظار، وشد وجذب بعناوين الخلافات والتي يرى البعض أنها كانت للمُناورة وحماية المُرشّح، وهو كمال قليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري المُعارض أكبر الأحزاب المُعارضة للمُنافسة في الانتخابات الرئاسيّة والبرلمانيّة يوم 14 مايو/ أيّار.
ad
ويبدو أن زعيمة حزب “الجيّد” قد تقبّلت ترشيح زعيم حزب الشعب الجمهوري، مُقابل القُبول بتعيين نائبين للرئيس الجديد حال فوز كمال قليجدار أوغلو بالرئاسة، ما يعني أن يُصبح للأخير نائبين هُما رئيس بلديّة إسطنبول، والآخر رئيس بلديّة أنقرة، وهُنا جرى تلبية طلب حزب “الجيّد” بقبول مُرشّحيه بمنصب نائب الرئيس، وإخراجه من دائرة كاتب العدل الذي يُملى عليه وفقاً لاتهامات زعيمته.
وكان صرّح المتحدّث باسم حزب “الجيّد” المُعارض كورساد زورلو، اليوم الاثنين، بأن الحزب اقترح أن يصبح رئيسا بلديتي أنقرة وإسطنبول نائبين للرئيس إذا فازت المعارضة في الانتخابات، وذلك بعدما انسحب الحزب من تحالف المعارضة، فيما قال مسؤول بارز في حزب الشعب الجمهوري التركي المُعارض لرويترز الاثنين إن الحزب مُوافق على مُقترح أن يكون رئيسا بلديتيّ إسطنبول أكرم إمام أوغلو وأنقرة منصور ياواش المُنتميان للحزب نائبين للرئيس إذا فازت المُعارضة في الانتخابات المُقرّرة في مايو/أيّار.
وبذلك يكون كمال قليجدار أوغلو المُرشّح المُنافس للرئيس أردوغان رسميّاً بتوافق سُداسي، ما يسمح لأنصار المُعارضة بالارتياح لقوّة تحالفهم، وأن قادة الأحزاب المُعارضة حاولوا وإن بشق الأنفس تجنّب انفراط عقد طاولتهم، والأهم بوجود أقوى حزبين فيها: الشعب الجمهوري أوّلاً، والجيّد ثانياً بالتأثير.
وكان الإحباط واليأس قد ضرب أوساط أنصار المُعارضة، مع تأثّر الأسهم، بعد إيحاء زعيمة حزب “الجيّد” بالانسحاب من الطاولة السداسيّة، ودعوتها لرئيسي بلديّة إسطنبول وأنقرة للترشّح عن حزبها، ولكن يبدو أن تصريحات زعيم المُعارضة ومُرشّحها كمال قليجدار أوغلو بخُصوص أن الأمور ستكون بخير حتى بعد انسحاب زعيمة حزب “الجيّد”، قد ظهرت بوادرها باتفاق اللحظة الأخيرة، والذي يُعيد حدّة المُنافسة الانتخابيّة إلى حدّتها المُرتقبة، فالرئيس أردوغان لا يضمن الفوز هذه المرّة، وهو نفسه أقر بصُعوبتها، ويُواجه تحدّيات انتخابيّة مثل الاقتصاد المُتراجع (تضخّم 60 بالمئة)، والأزمة الأكبر كارثة الزلزال المُدمّر، ومدى قناعة ناخبيه بمدى استجابة حُكومته لعمليّات الإنقاذ.
ولعلّ من أبرز العوامل التي قد تكون دفعت زعيمة حزب الجيّد بالعودة للطاولة السداسيّة، أوّلاً هو رفض رئيس بلديّة إسطنبول وزميله في بلديّة أنقرة التخلّي عن دعم زعيمهم كمال قليجدار أوغلو في حزبهم “الشعب الجمهوري المُعارض” والتكتّل خلف مُرشّح واحد، وثانياً هو اليقين بأن المُنافسة بأكثر من مُرشّح، سيزيد من حُظوظ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالعودة لرئاسة تركيا من جديد، رغم تراجع شعبيّته في بعض الاستطلاعات، وإشارة استطلاعات أخرى لتقارب فرص الفوز في الانتخابات بين الحزب الحاكم والمُعارضة.
والعامل الثالث، بأن رئيس بلديّة إسطنبول، وأنقرة، يملكان أسهماً عالية عند زعيمة حزب الجيّد، واستطاعا إقناعها خلال اجتماعٍ قصير بعدم التخلّي عن الطاولة السداسيّة، وقبول مُقترحها بتعيينهما نائبين للرئيس حال فوز المُعارضة بالانتخابات.
وبخُصوص مُقترح تعيين أكرم إمام أوغلو، ومنصور ياواش كنائبين للرئيس حال فوز المُعارضة، وهي أنباء ليست سارّة للحزب الحاكم بكُل حال مع عدم انفراط عقد تحالف المُعارضة السداسي أمام تحالف الحزب الحاكم، ردّ مُستشار الرئيس التركي محمد أوتشوم بالقول إن تلك الصيغة غير دستوريّة، وتُعَدّ انتهاكاً للدستور، وتابع أوتشوم بأنه لا يُمكن الجمع بين منصبين في السلطة التنفيذيّة، والبلديّة.
وبإعلان المُعارضة التركيّة مُرشّحها التوافقي “سُداسيّاً” رسميّاً، يُمكن القول بأنها نجحت في تجنّب إحداث الثغرة الأقوى في جدارها وهي تفرّقها، ومُواصلة الاستثمار في نجاح تعاونها مُنذ العام 2019 في انتزاع السّيطرة على إسطنبول، وأنقرة في انتخابات البلديّة، وهي أحد أكبر معاقل حزب العدالة والتنمية الحاكم، فهل يتكرّر المشهد وتنجح المُعارضة أيضاً في انتزاع تركيا من حُكم أردوغان، أم أن لأنصار الأخير قولٌ آخر، وكلمة أخيرة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى