ملك ويوبيل …ووطن يمشي على رؤوس اصابعه
د.عبدالمهدي القطامين
في مسيرة الوطن الكثير من الحكايات المسكوت عنها والكثير من الملمات التي تبدو بوضوح لكل عاقل لكن الكثير ربما ممن يدعون العقلانية لا يرون سوى المثالب والمنغصات والتلويح بالكثير من الايماءات التي تهمز احيانا في أساسات الوطن وسياساته تبعا لمذاهب أو مشارب تعددت ما بين صفو وركود .
اليوم اكمل الملك عبدالله الثاني ٢٥ سنة من الحكم في وطن منذ نشأته ما زالت على كل اطرافه تشتعل النيران وهي نيران عدوة وصديقة حسودة احيانا ومتشفية أخرى ولعل الأردن في كل هذه السنوات ظل كمن يمشي على رؤوس اصابعه في حقل مليء بالالغام فمعادلة الحياد التي اختطها الأردن منذ نشأته كدولة تتكىء على أكثر أرض كانت مطمحا لكل القوى عبر التاريخ القديم والجديد والمتجدد أيضا ….أرض ظلت مأوى للهاربين من جور حكامهم وللاجئين من جور العدو المتربص ولكل من يبحث عن معيشة آمنة مستقرة في إقليم مضطرب تأكله نار الفتن والاقتتال والصراع الذي يفتك اول ما يفتك بالشعوب التي لا ناقة لها ولا جمل في صراع الكراسي البغيض وصراعات النفوذ وتعدد الولاءات وتنقل البنادق من كتف إلى كتف ومن معسكر إلى آخر .
في هكذا ضبابية ظل الأردن قابضا على جمر بقائه واحة أمن يوفر معيشة اهله الممتدة ما بين ضنك وضنك وعسر لا يتبعه يسر وهنا يبدو التساؤل المنطقي ماذا لو لم تكن القيادة في الأردن تتقن إدارة دفة السفينة في البحر الهائل المتلاطم الأمواج وماذا لو انتهجت نهج المغامرات والصراعات الدونكيشوتية اين سنكون نحن الآن؟
القيادة التي تفتقد إلى الحكمة رأيناها كيف اضاعت الأوطان وبددت شعوبها وعصرتهم إلى حد الكفر وأن أردنا الإنصاف لوجه الوطن ولوجه الحقيقة والتاريخ فأننا مجبورون اجبارا على أن نفخر بالقيادة والقائد الذي استطاع بكل هذه الحكمة أن يبقينا والوطن بعيدا عن كل تلك الصراعات وأن يظل الوطن مصانا بكل ما فيه .
الملك عبدالله الثاني بعد ربع قرن من حكمه الزاهر جدير وحري بنا أن نقول له سلمت وغنمت يا ابن الأكرمين فهذه المسيرة الأصيلة المؤصلة التي نجت بالوطن وسارت به ٨نحو البقاء ليست نتاج الصدف ولا نتاج العنتريات البائسة بل هي مسيرة متجذرة استندت إلى تاريخ طويل من العطاء والبذل والتضحية .
ولنا أن نحمد الله في كل حين ومع طلوع كل فجر أن لم يبتلينا بحكم جاء على ظهر دبابة أو عبر مؤامرة خسيسة من أصحاب الصوت العالي لأنهم لو لا سمح الله ولا قدر تمكنوا من رقابنا لعبدونا العجل ولقصموا منا الظهور وشتتوا شملنا بين صحراء لا ترحم وطامعين متوثبين لأخذ الجمل بما حمل .
فيا عبدالله الثاني يا ابن الحسين ويا ابا الحسين ها نحن اليوم نهنئك من قلوب مثقلة بالحب مرددين أن الوعد هو الوعد والعهد هو العهد وأن مسيرة الربع قرن ستزهو بكم طويلا وتستمر بهذه الحكمة المتأنية وهذا العطاء الذي نسأل الله أن يدوم بكم ومعكم
اخيرا أنه الأردن لينا ….وحقه علينا