الشاشة الرئيسيةمنوعات

معلمات يحاربن “كورونا” على أكثر من جبهة

بعد تحول التعلم عن بعد، انتقل عالم الطلبة بالمدارس والجامعات ليصبح بين جدران البيوت وعبر الأجهزة اللوحية والحواسيب المتصلة بمنصات مخصصة للتعليم.
بذل المعلمون والمعلمات جهودا مضاعفة، وقدموا دورا أقل ما يقال عنه إنه “بطولي” خلال أزمة فيروس كورونا التي بدأت منذ آذار (مارس) الماضي.
غير أن المعلمات كانت الأدوار المطلوبة منهن مضاعفة، نظرا لمسؤولياتهن العائلية، وما عليهن تقديمه للطلبة، إذ لم تتوان المعلمة عن تقديم دوريها التعليمي والتربوي لطلبتها، وهو ما يعد أصعب بكثير مقارنة بالتعليم الوجاهي، إذ تبدأ يومها مبكرا قبل الجميع، تحضر وجبة إفطار لعائلتها، وتتابع متطلبات أبنائها الصغار، والمسؤوليات المنزلية، لتظهر بعد ذلك عبر المنصة مبتهجة أمام طلابها.
معلمة الغة الإنجليزية إسراء علي، من محافظة إربد، والمسؤولة الإدارية في مدرسة خاصة، بذلت جهدا إضافيا خلال فترة الجائحة، إذ كانت مسؤولة عن تقسيم الأدوار وتدريب زميلاتها في المدرسة حول كيفية التعامل مع الطلاب عند بعد، وقدمت دورات تدريبية عن كيفية انضباط الصف عن بعد، وأهمية تحفيز الطلاب للفت انتباههم خلال الدرس.
وتشرح إسراء “الأهالي يرون أن هناك معلمة تعطي مادتها، وتمزح أحيانا مع الطلاب، وتتحدث بحزم لتعيد النظام إلى الصف، لكن ما وراء الكواليس هو أنها تهز مقعد ابنتها كي تبقيها هادئة أثناء إعطاء الحصة، وهي نفسها التي تحاول أن تغلق الكاميرا كي لا يراها طلابها وهي تعض على شفتيها كي تجعل ابنها في الصف الثاني يدرس، ويتوقف عن التجوال في البيت”.
ومن ناحيتها، تقول مدرسة الأحياء في إحدى المدارس الخاصة، علياء خالد “إن المعلمة اليوم كباقي الأمهات العاملات، تحملت الكثير من الضغط، فهي تقف خلف الكاميرات، تحاول أن تكون ودية مع طلاب، بعضهم ليس مسؤولا، ولا يأخذون التعلم على محمل الجد، وآخرون يسألون كثيرا، وهذا يتداخل مع مسؤوليات منزلها، فمطلوب منها الاهتمام بأبنائها، الذين يتشاجرون، ويعطشون، ويأكلون، ويريدون من يساعدهم لإكمال حصصهم ومتابعة دروسهم”.
وبعد الانتهاء من هذه المهمة، وما يتخللها من معاناة مع الطلاب، ومعاناة في شرح الدروس، وإيصال الفكرة على أكمل وجه، وتقسيم الواجبات ووضع الامتحانات القصيرة والمفاجئة خلال الدرس، لشد انتباه الطلاب معها، يبدأ يومها بمسؤوليات أخرى كنظافة المنزل، والاهتمام بالزوج والأبناء، وتحضير الطعام، ثم التجهيز لليوم التالي، وتصحيح الواجبات والامتحانات.
التربوي د.محمد أبوالسعود، يؤكد أن المعلم هو الركيزة الأساسية في التعليم الإلكتروني، وليس كما يقال من البعض إن التعليم الإلكتروني سيفقد المعلم دوره، فالتعليم عن بعد أصبح أكثر تعقيدا وصعوبة، فتحضير الدروس وشرحها وبثها والتحكم بها، والتقييم الدوري والمتابعة، هي من وظائف المعلم.
ويضيف “اليوم تحولت مهارات المعلم والمعلمة من التربية على أرض الواقع، إلى التربية الالكترونية، وتتضمن تحميل الطالب مسؤولية حل الواجبات والامتحانات بعيدا عن الغش، والالتزام واحترام الحصص عن بعد، واستخدام الأدوات المتاحة بين أيديهم، بشكل أفضل”.
وزير التربية والتعليم، الدكتور تيسير النعيمي السابق، كان قد أكد في تصريح سابق نشر في “الغد”، أن للمعلمين دورا أساسيا وبارزا في هذه المرحلة، وأن إشراكهم في عملية التعلم عن بعد، مهم وضروري، وهم شريك رئيسي في العملية التعليمية، وإن اختلفت في شكلها.
وبين النعيمي أن دور المعلم يتحول عبر التعلم عن بعد، إلى المتابعة والتنسيق والتفاعل مع الطلبة وأولياء أمور الطلبة.
المرشدة التربوية رائدة الكيلاني، تؤكد أن المعلمين بذلوا جهودا مضاعفة خلال الجائحة، فهم حلقة الوصل بين الطالب والمدرسة، مشيرة إلى أن نجاح العملية التعليمة يعتمد عليهم.
حلا معلمة اللغة العربية للصفوف الابتدائية، تجد أن هناك جيلا كاملا ظلم خلال هذه الجائحة، فمن الصعب جدا أن تصل المعلومة لطفل لم يجرب التعلم من قبل، كطلاب الصف الأول، على سبيل المثال.
وتؤكد أن لديها التزامات عائلية، ودائما “ما أكون مشغولة طوال اليوم، فدائما ما أسمع من والدتي جملة نقلت المدرسة لعندي”، وتقصد بذلك أدوات التعليم للأطفال، والوسائل والمشاريع التي أشاركها معهم خلف الكاميرات. وتوضح حلا أنها سعت للتغيير قليلا من ذاتها وتحسين علمها، فقدمت على دورات تعطيها منصة “إدراك”، واكتسبت شهادات كثيرة في تخصصها وتخصصات أخرى وعملت على تحسين أكبر للغتها الانجليزية. ويؤكد التربوي د.محمد أبوالسعود، أن المعلمين والمعلمات جمعوا بين المهارات التعليمية والمهارات التكنولوجية، لذا كان على بعضهم تلقي بعض التدريبات اللازمة لهذه العملية.
ويرى أبوالسعود أن دور المعلمين في التعلم عن بعد ليس فقط إلقاء المعلومات، بل أيضا نصح وإرشاد الطلاب وذويهم، لتحريك العملية التعليمية بشكل جيد وتوصيل المحتوى التعليمي، فيقع على عاتقهم، توصيل المعلومات، وتبسيطها بشكل يعوض الطالب عن التفاعل الصفي، وإلغاء الرهبة التي قد تقع في نفوس المتعلمين.
وتختم المرشدة التربوية رائدة الكيلاني، كلامها، بأن التعلم عن بعد قد يوقع الرهبة في نفس الطالب، خصوصا مراحل التوجيهي والصفوف الأولى، لذا فإن دور المعلمة هنا، هو كسر هذه الحواجز، وأن تكون معلمة وصديقة ومرشدة وقريبة دائما من طلبتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى