ما وراء عودة زيلينسكي خاوي الوفاض من المساعدات الأميركية
الغواص نيوز
في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي، وصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى واشنطن بصفته بطلاً، وألقى خطاباً أمام جميع أعضاء الكونغرس (النواب وأعضاء مجلس الشيوخ). وأجلت اللجنة الخاصة التي تحقق في أعمال شغب الـ6 من كانون الثاني (يناير) بتأجيل إصدار تقريرها النهائي بينما فرش الكونغرس السجادة الحمراء لزعيم البلاد التي تتصدى للعدوان الروسي.
لكن الترحيب الحار أكد حقيقة مفادها بأن الديمقراطيين، الذين كانوا يسيطرون في ذلك الوقت على الغالبية في مجلس النواب، كانوا يعلمون أن الموافقة على المساعدات لأوكرانيا ستكون أكثر صعوبة في كانون الثاني (يناير) عندما سيطر الجمهوريون على مجلس النواب.
وبالفعل، الثلاثاء في الـ12 من كانون الأول (ديسمبر)، ورغم وصوله إلى مجلس الشيوخ الأميركي بزيه العسكري المميز محاطاً بزعيم الغالبية في مجلس الشيوخ (الديمقراطي) تشاك شومر وزعيم الأقلية (الجمهوري) في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، ظل معظم الجمهوريين متمسكين بمعارضتهم مساعدة أوكرانيا.
لا توجد طريقة حقيقية للتغلب على هذا الأمر: فالكونغرس وصل إلى طريق مسدود تماماً عندما يتعلق الأمر بالموافقة على المساعدات لأوكرانيا، ولا يمكن لأي نداء دراماتيكي من زيلينسكي أن يغير ذلك.
فمن ناحية، هناك الجمهوريون الذين لديهم عداء صريح لدعم أوكرانيا، وسوف يبذلون كل ما في وسعهم لمنع الإنفاق، ثم هناك الجمهوريون الذين يدعمون أوكرانيا ولكنهم يريدون استغلال النضال لانتزاع تنازلات تقلل بصورة جذرية من قدرة الناس على الهجرة بصورة قانونية إلى الولايات المتحدة.
ويعلم الجمهوريون أنهم لن يتمكنوا من إحداث هذه التغييرات في الهجرة في ظل الظروف العادية بينما يسيطر الديمقراطيون على البيت الأبيض ومجلس الشيوخ. لذا فقد استغلوا دعم الديمقراطيين أوكرانيا للحصول على تنازلات منهم.
وكلما طال أمد الجمود، قل احتمال أن يتمكن مجلس الشيوخ من الموافقة على أي نوع ما من المساعدة لأوكرانيا. وليكن الأمر واضحاً: إذا غادر مجلس الشيوخ نهاية هذا الأسبوع وحتى آخر العام من دون تقديم مساعدات لأوكرانيا، فسيكون ذلك خطأ الجمهوريين وحدهم.
فمن ناحية، هناك بعض الجمهوريين الذين يعارضون دعم أوكرانيا من جهة المبدأ. وفي حديث معي، قال السيناتور تومي توبرفيل ببساطة: “ليس لدينا المال. نحن مفلسون”.
وأخبرني آخرون، مثل السيناتور جي دي فانس من ولاية أوهايو، بعد الاجتماع مع زيلينسكي، أن الحرب في أوكرانيا لن تنتهي إلا من خلال المفاوضات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والولايات المتحدة.
وقال فانس لـ”اندبندنت”: “هذا ما أجده مفجعاً للغاية في شأن هذا الصراع، وهو أنه كان سينتهي دائماً بتسوية ما من طريق التفاوض”.
لكن السيناتور ليندسي غراهام، الجمهوري من كارولينا الجنوبية، الذي سافر إلى أوكرانيا وشارك في كتابة مقال ضخم عن الإصلاح الشامل للهجرة مع مرشده الراحل جون ماكين والسيد شومر، عارض ذلك قائلاً إن الطريقة لإنهاء الحرب هي ممارسة الضغط على الروس في شبه جزيرة القرم.
وقال: “ما أحاول القيام به هو عدم مكافأة بوتين على تقطيع أوصال أوكرانيا، والتأكد من أن الصين ستكون أقل استعداداً للاعتداء على تايوان”.
ولكن عندما سئل عن جزء الهجرة من المفاوضات، أشار غراهام إلى أحداث الـ11 من أيلول (سبتمبر) وهجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) في إسرائيل من قبل “حماس”، لافتاً “لن نوافق على أموال لأي شخص آخر حتى نجعل الحدود أكثر أماناً”.
ويصر الجمهوريون على القول إن شكاواهم تتعلق بـ”الحدود”. الجميع من السيناتور جوني إرنست من ولاية أيوا إلى سوزان كولينز من ولاية ماين إلى دان سوليفان من ألاسكا.
وهذا أمر غير صادق: فكثير من المفاوضات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي بين السيناتور توم تيليس، وجيمس لانكفورد، وكريس مورفي، وكيرستن سينيما تتمحور حول إلغاء حق اللجوء أو الإفراج المشروط عن المهاجرين.
وستكون هذه تغييرات واسعة النطاق ومن المرجح أن تستمر لفترة أطول بكثير من الحرب في أوكرانيا.
وقال السيد تيليس في حديث معي: “أعتقد أننا يجب أن نحصل على مزيج مختلف (من المفاوضين) للتغلب على بعض هذه العقبات مع الإدارة”، لافتاً إلى أن البيت الأبيض في حاجة إلى المشاركة، وهو ما قاله السيناتور جو مانشين أيضا للصحفيين. ولكن عندما سألت السيد تيليس عما إذا كان بإمكان مجلس الشيوخ الانتهاء من صياغة مشروع القانون بحلول نهاية الأسبوع، قال “لا”.
ومما لا شك فيه أن مجلس النواب أكثر عداءً لفكرة دعم أوكرانيا، ويسعى الجمهوريون هناك إلى فرض قيود أكثر صرامة على الهجرة. وانتقد زعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز الجهود الأخيرة التي بذلها الجمهوريون.
وقال جيفريز في حديث معي “نحن مستعدون وراغبون وقادرون على المضي قدماً في الوصول إلى إصلاح شامل للهجرة مدعوم من الحزبين، لكن ليست هذه هي القضية الحقيقية التي بسببها يعرقل الجمهوريون التمويل لأوكرانيا”، مضيفاً “هناك تجمع مؤيد لبوتين داخل كتلة الجمهوريين بمجلس النواب يريد في الواقع رؤية أوكرانيا تفشل وروسيا تنتصر”.
والأمر الأكثر سخرية هو أن جميع المفاوضين في مجلس الشيوخ هم من البيض والمواطنين المولودين في الولايات المتحدة والمستعدين لمقايضة قدرة المهاجرين الذين يطلبون اللجوء أو يعانون الاضطهاد على القدوم بحرية. وانتقدت السيناتور كاثرين كورتيز ماستو الجمهوريين، وهي بالمناسبة أول امرأة لاتينية في مجلس الشيوخ والوحيدة حتى الآن.
وقالت في حديث معي: “علينا أن نستثمر في حدودنا، وأعتقد أنه يمكن التوصل إلى اتفاق إذا كان الجمهوريون على استعداد للقيام بذلك وعدم مواصلة الفوضى على الحدود”، مضيفة: “أعتقد أنهم يريدون الفوضى على الحدود”.
وبالمثل، انتقدت النائبة ألكساندريا أوكازيو كورتيز (ديمقراطية من نيويورك) المتاجرة المريبة المتمثلة في تقييد الهجرة القانونية مقابل مساعدة أوكرانيا.
وقالت المشرعة التقدمية في حديث معي: “هناك مخاوف من أنهم سيقومون بتخريب سياستنا المتعلقة بالهجرة من أجل تحقيق أهداف غير ذات صلة”، لافتة: “من الخطر للغاية إرساء سابقة تتمثل في ربط السياسة الداخلية بالمساعدات الخارجية”.
لكن أياً كانت الصفقة التي قد يتوصل إليها الجمهوريون والديمقراطيون في مجلس الشيوخ، فهي ما تزال مثار نقاش. ويبدو أن المحادثات لم تصل إلى أي مكان، وقد يؤدي انخراط البيت الأبيض فيها بنهاية المطاف إلى جعل الجمهوريين في مجلس النواب أقل رغبة في قبول الصفقة.
الخلاصة، في حال عدم انتصار أوكرانيا في الحرب في نهاية المطاف، فإن معارضة الجمهوريين للهجرة القانونية ستكون السبب الأساسي.