اقتصادالشاشة الرئيسية

ما تداعيات الاجتياح الروسي لأوكرانيا على المملكة..؟

يبدو أن مصطلح «أثر الفراشة» وهو تعبير مجازي شائع في الفيزياء،يصف الظواهر ذات الترابطات والتأثيرات المتبادلة والمتواترة التي تنجم عن حدث ما، قد يكون بسيطا في ذاته، لكنه يولد سلسلة متتابعة من النتائج والتطورات المتتالية والتي يفوق حجمها بمراحل ما حدث في البداية، وبشكل قد لا يتوقعه أحد- يبدو أن هذا المصطلح أكثر انطباقا على الاقتصاد ونتائجه في الحرب الأوكرانية الروسية الدائرة حاليا.

بمعنى أن أي دولة لها تعاملات تجارية ومالية واقتصادية مع روسيا، ستتأثر سلبا بسبب العقوبات المفروضة عليها.. ما يجعلها أمام خيار واحد آخر، هو البحث عن بديل، سواء أكان لجهة التصدير إلى موسكو أو الاستيراد منها.

والآثار الاقتصادية لا تقف عند هذا الحد، وإنما تُجاوزه إلى بعد آخر، وهو أن أوكرانيا، وبسبب الأوضاع المشتعلة على أراضيها، لن تتمكن بدورها، في المستقبل القريب على أقل تقدير، من المضي في التعامل التجاري مع بقية دول العالم استيرادا وتصديرا،ما يعني أيضا أن على الدول التي تتعامل مع «كييف» أن تبحث عن أسواق بديلة لصادراتها أو وارداتها…

هذا بمجمله يوضح التأثير على دول العالم تبعا لحجم ارتباط كل دولة بهاتين الدولتين طرفي الصراع. «فلا يمكنك إزالة حبة رمل واحدة من مكانها دون تغيير شيء ما في جميع أجزائها التي لا تُقاس”

وماذا عن الأردن؟

محليا، أثيرت مخاوف عدة، بعضها يستحق الالتفات إليه، وبعضها يحمل مبالغة في التقدير.

لكن المؤشرات الاقتصادية لطبيعة وحجم العلاقات بين عمّان وكل من موسكو وكييف، لا تجعل الأمر مقلقا إلى هذا الحد..

فكلتا الدولتين لا تعتبران شريكا اقتصاديا بارزا للأردن، الذي يرتبط في المقابل، بصورة كبيرة باقتصادات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الشرق الأقصى ومحيطه العربي، وتحديدا دول الجوار العربي (مجموعة دول الخليج وعلى رأسها السعودية والعراق ومصر وسوريا ولبنان.

التأثير محدود

يرى الخبير الاقتصادي عدلي قندح أن المملكة لن تتأثر بشكل كبير حيث نستورد من روسيا وأوكرانيا سلعا محددة ويمكن استبدالها بأسواق أخرى مفتوحة أمامنا، ونستورد من هذين البلدين بنحو 300 مليون دينار في سلع محددة أبرزها الحبوب والزيوت النباتية والأخشاب.

وقال قندح إن لدينا علاقات جيدة مع الدول البديلة كدول أوروبا الشرقية التي نستورد منها لحوم وأبقار ودهون وزيوت مثل رومانيا إضافة الى سوق البرازيل واستراليا وأميركا فيما يتعلق في المواد الاخرى وبخاصة القمح الذي يمكن أن نستورده الولايات المتحدة.

وفيما يتعلق بالنفط، أكد قندح بأننا سنتأثر به بشكل مباشر، وبخاصة مع وصول سعر برميل النفط إلى 105 دولارات، ما سيلقي عبئا على الاقتصاد الأردني وعلى الخزينة مباشرة، خصوصا وأن الحكومة الحالية والحكومات السابقة تعهدت بالعودة إلى دعم الخبز إذا ارتفع سعر برميل النفط عن 100 دولار.

فبالتالي بعد العقوبات والأزمة الأوكرانية والروسية، «يجب أن نرفع علم إعادة دعم الخبز».

بدوره، يقول الخبير الاقتصادي هاشم عقل إنه حتى الآن «لا يوجد أي عقوبات فرضت على روسيا فيما على الغاز والنفط بالرغم من أن عدد العقوبات التي فرضت عليها 32 عقوبة من بريطانيا وأميركا وأوروبا خصوصا وأن الأخيرة تعتمد على روسيا بالغاز.

وبين عقل بأن حجم التجارة بيننا وبين أوكرانيا ليس كبيرا؛ «نستورد اثنين بالمئة من القمح من أوكرانيا ونستورد زيت ذرة وشعير، وهناك أسواق بديلة في العالم لهذه لمنتجات، وبالتالي لا توجد أية خطورة ولامشكلة من حيث الحبوب والزيوت».

وأما فيما يتعلق بالقمح؛ «فمعظم استيراد المملكة من رومانيا حيث نستورد منها 90 بالمئة من حاجتنا».

ويتفق قندح مع عقل بأن أن حجم الصادرات الأردنية إلى البلدين المتناحرين، «ليست كبيرة»، وتراوح بين 3-4 ملايين دينار من حجم صادرات الأردن الإجمالية التي تبلغ خمسة مليارات، ولفت بدوره إلى أنه «يسهل توزيعها على جهات أخرى».

وبين قندح أن ارتفاع أسعار النفط سيؤدي إلى ارتفاع التضخم وتجاوزه التوقعات التي قدرتها الحكومة بـ 2,5 بالمئة، في الشهر الأول تجاوز2.4 بالمئة. وهذا، بتقديره، يخلق ضغطا على البنك المركزي الذي بدوره قد يتخذ قرارا يتبع به البنك المركزي الأميركي برفع سعر الفائدة في السادس عشر من آذار.

وشرح بالقول: «بما أن النمو لدينا غير مرتفع والبطالة مرتفعة فيفترض أن تبقى أسعار الفائدة منخفضة، لكن نتيجة الضغوط التضخمية ونتيجة زائد الهامش بين سعر الفائدة على الدينار والدولار الذي سينخفض؛ سيضطر البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة الذي سيؤثر بدوره على النمو». وتوقع أن يدخلنا ذلك في مرحلة «الركود التضخمي»، بمعنى أنه «سيكون لدينا معدلات بطالة مرتفعة ومعدلات تضخم مرتفعة، ما سيزيد التعقيدات أمام الحكومة وأمام السلطات النقدية والسلطات المالية».

وحذر قندح من أن رفع سعر الفائدة سيعيق توسع المشاريع الجديدة والتوسع في الإقراض وبالتالي سيتراجع كل منهما هذا إذا تفاقمت الأمور.

وبين بان هذا يعنى تباطؤا في النمو الاقتصادي أكثر من النسبة المتوقعة وهي 2.7 بالمئة في السنة القادمة ومن الممكن أن لا يتحقق إذا تفاقمت الأمور.

ويرى قندح أن الوحيد الحل للحكومة لمواجهة ارتفاع الأسعار أن تلجأ الحكومة إلى استخدام المادة (7) من قانون الصناعة بحيث تضع سقوفا سعرية على هذه المواد بما يمكنها أن تضبط التضخم، وبخاصة المواد الأولية التي تدخل في خلطات الأعلاف للأبقار والمواشي والدواجن، التي ممكن أن تنعكس على أسعار اللحوم ومشتقات الحليب من ألبان وأجبان.

ويقترح أيضا بأن تلجأ الحكومة إلى تخفيض جمركي آخر على بعض السلع التي لم يشملها التخفيض السابق.

الأمن الغذائي الأردني

وبين قندح أن تداعيات الحرب على أوكرانيا كشفت الأمن الغذائي العربي بعامة والأردني بخاصة.

وحض على الإسراع في إحلال السلع التي نستوردها من روسيا وأوكرانيا، وغيرها، بأسرع وقت حتى لا نتأثر خصوصا وأننا تنكلم عن سلع أساسية مثل الخبز ومواد أولية أخرى كالحليب ومشتقاته.

وشدد على ضرورة رفع شعار الأمن الغذائي وأمن الطاقة وأمن المياه في الاردن

وأكد أهمية العمل على الأمن الغذائي بعدة محاور، أولها زيادة رقعة الأراضي الزراعية في الأردن ومعالجة مومضوع فاقد المياه وإدخال تكنولوجيا جديدة على مساحات ونطاق أوسع والتعاون بين القطاعين العام والخاص وتوزيع الأراضي غير المستغلة ليصبح لدينا اكتفاء ذاتي بالمحاصيل وأهمها القمح والأعلاف، ومعالجة الفاقد من المياه.

ودعا إلى فتح الاستثمار بالطاقة المتجددة، وهي أهم مصدر للطاقة، وفتحها على نطاق اوسع واستغلال الصخر الزيتي. كما طالب قندح الخبراء الاقتصاديين الذين يعملون في الورشة الاقتصادية بالديوان الملكي بوضع محور أساسي خاص للأمن الغذائي ومحور آخر لأمن الطاقة في الخطة الاستراتيجية العابرة للحكومات التي يعملون عليها خلال الأسابيع الأربعة القادمة.

No Image

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى