ما بين حبل الميناء …والقشة التي قصمت ظهر البعير …العقبة والحقيقة الغائبة

د.عبدالمهدي القطامين
مؤسسة الموانئ تاريخيا كانت هي نواة كل الاعمال الاقتصادية في العقبة وهي السبب الرئيس الذي ساهم في تسارع النمو الاقتصادي والعمراني والاجتماعي في العقبة التي ظلت طويلا بعيدة عن مكاسب التنمية وكانت الموانئ هي اصل الحكاية الاقتصادية ومبتداها وعنوان النهوض فيها لكن ما حدث مطلع الالفية وضمن التوجه للخصخصة ان الميناء تعرض الى هجمة شرسة قطعت اوصاله واطاحت بهيكله التنظيمي البيروقراطي لتخرج من تحت عباءة الميناء وحدات كانت تشكل نبضه ومجاله الحيوي ومصدر دخله الرئيس فخرج قسم الحاويات ليصبح شركة حاويات العقبة ” مع ملاحظة النجاح الذي تحقق ضمن هذا المحور ” وخرج قسم القطر والارشاد ليصبح شركة المعدات البحرية وخرج قسم اخر ليصبح الهيئة البحرية الاردنية وازيلت مدرسة التدريب البحري التي كانت تؤهل العمالة بكل اشكالها في الميناء لتباع ارضها بالمزاد العلني ثم كانت الضربة القاضية لمؤسسة الموانئ بتحويلها الى شركة تحت اسم شركة العقبة لإدارة وتشغيل الموانئ بحجة التخلص من البيروقراطية وتسريع اتخاذ القرار لكن ما حدث كان العكس تماما فقد اصبحت الموانئ التي يزيد عمرها على ٦٠ عاما تابعة لشركة اخرى لا يزيد عمرها على عشر سنين وهي شركة تطوير العقبة وهنا بدأت المعاناة ….يقول احد كبار موظفي الميناء بعد ان اصبحت تطوير العقبة المسيطرة على القرار المالي والاداري في الموانئ وبدلا من سرعة اتخاذ القرار ازداد الامر تعقيدا فحين يحتاج الميناء الى شراء ماكنة او قشاط او برغي او اجراء اي صيانة يتم مخاطبة تطوير العقبة التي بدورها تخاطب مجلس مفوضي سلطة العقبة الخاصة وهكذا ما كان يحتاج الى يوم او يومين اصبح يحتاج الى اشهر للحصول على المطلوب وغالبا ما يتم الاعتذار بحجة عدم وجود المخصصات ومن الطبيعي كما يقول الموظف الخبير ان تتزايد الاخطار في ظل عدم وجود استجابة لمتطلبات التشغيل اليومية والصيانة الدورية للمعدات التي اصبحت قديمة .
اذن مشكلة الموانئ هي ادارية بالدرجة الاساس وضاعف من تعقيداتها الاحالات على التقاعد المبكر وغيره والتي طالت كافة خبرات الميناء المميزة والمتراكمة ولم يتم تعيين البدلاء للمحالين على التقاعد ففقدت الموانئ خبرات كانت تدرك كنه العمل وتعالج الخلل قبل وقوعه .
هل كان هذا التفريغ والاهمال لأعمال الصيانة متعمدا ” خبير اخر تساءل ” ليكون هناك حجة للبحث عن ادارة جديدة للميناء مشيرا الى ان الاتفاقيات التي وقعها رئيس مجلس إدارة الميناء ورئيس شركة تطوير العقبة مع موانئ ابو ظبي تصب لصالح تأكيد هذه الحقيقة وهو الامر الذي كما تقول بعض المصادر تم فعلا وان تسليم ادارة الميناء ستتم قريبا الى موانئ ابو ظبي ضمن صيغة تم التوافق عليها ولم يكشف عن تفاصيلها بعد .
اخيرا لم يكن الحبل الذي انقطع وكشف ظهر الميناء الا كمثل القشة التي قصمت ظهر البعير وتلك حكاية اخرى .