فكر وثقافة

قصة قصيرة بقلم عبدالمهدي القطامين

الشيخ

خذ هذا المسدس انه محشو بتسع طلقات ايها الرجل …وافرغه في رأس ذلك الملعون ولا تتردد ابدا …تسع رصاصات …. هل تسمع ذلك جيدا دعها تمزق راسه ولا تعد الا وقد انجزت المهمة على اكمل وجه ايها المجاهد الكبير …كانت كلمات الشيخ الستيني تتردد في اذني الشاب العشريني ” احمد ” كدوي القنابل التي سمعها خلال وجوده في معسكر التدريب …كان المدرب الذي يرتدي ثوبا قصيرا كتنز الاطراف تغوص رقبته بين منكبين عريضين وجبهة بارزة ولحية كثة مصبوغة باللون الاحمر كانت تتأرجح مع كل كلمة ينطقها .. مثيرا في كل حركاته وسكناته ويحرص على ان يكون دائما في جيب ثوبه القصير قرانا صغيرا يطيل التأمل فيه ويتمتم بكلمات غير مفهومة في اغلب الاحيان في استراحات التدريب التي كانت تتم بعد ان يأخذ التعب من الشبيبة ماخذه ويأوي جلهم الى ظل شجرة بلوط كانت على سياج مركز التدريب وكان فجأة يثب من الارض التي يفترشها ويوجه كلامه لنا : انتم .. ايها الجيل المؤمن مدعوون الى يوم عظيم يوما به ستهزمون الكفر وانصاره …الا ترونهم يعيثون فسادا في ارض الله ويرتكبون المعاصي …تذكروا دائما معركتكم اما ان تكونوا فيها شهداء او تقتلون فيه كافرا ملعونا … تذكروا يا احباب لله انكم تقاتلون لرفع كلمة الله وهم يقاتلون لاعلاء كلمة الشيطان وشتان بين انصار الله وانصار الشيطان .
حين امسك ” احمد” بالمسدس الذي دفع به الشيخ بدا مذهولا اذ اخبره الشيخ الستيني ان الهدف هو استاذ جامعي يدرس علم الاثار في الجامعة وكانت خطيئة انه يحاضر كثيرا عن اهمية الاثار في المجتمع ودورها في المحافظة على التاريخ وتوثيقه .
يجثم منزل الاستاذ على ناصية شارع مزدحم عادة ومكتظ بالمارة لا يهدا الا في ساعات الليل المتأخرة …رسم الشيخ الستيني مسار الفتى وحدد له الساعة المناسبة واوصاه قبل ان يطلق رصاصاته ان يهتف ” الله اكبر ” … بدأ السكون يخيم على الشارع و بدأ أحمد يتسلل نحو نافذة مضاءة وبحيطة وحذر وخوف شديد أخذ يقترب منها … كان الاستاذ منكبا على شيء امامه يتفحصه يقلبه بيدين حانيتين بدا على شكل انية فخارية قديمة وكان ينقل الانارة على الاطراف ثم يركزها تارة على وسط التحفة بينما علت وجهه ابتسامة رضى .
استرجع الفتى حواره الاخير مع شيخه اين يريد لرصاصاته ان تستقر … في الرأس والوجه ولا باس لو كان نصيب الرقبة منها رصاصة واحدة … الاستاذ يهز رأسه بفرح وحبور وهو يتمتم ” نعم خمسة الاف عام قبل الميلاد … هذا ما اريده منذ زمن وابحث عنه …. يا لهذه التحفة النادرة … الان تستطيع يا خالد ان تثبت للعالم ان حضارتنا كانت هنا قبل خمسة الاف عام …. يا الله شكرا لك على لطفك …. انسحب احمد ببطء من جوار النافذة استنشق هواء باردا كان يهب انذاك بينما راحت اوراق الشجر تتأرجح وتتساقط شيئا فشيئا …. ردد بينه وبين نفسه : انه يذكر الله ويشكره …لماذا اذن طلب شيخي ان اقتله ؟؟؟؟؟ لماذا احرم العالم كله من اكتشافه الكبير هذا ؟؟؟المعذرة ايها الشيخ لن اقتله …عاد ادراجه من حيث اتى …. من بعيد كان خلفه شخصا يتوارى كي لا يراه … على باب الشيخ كان يقف حارس يحمل اسلحة ثقيلة بدا مثل طاووس مزهو بريشه
: اين شيخنا
: في الداخل اجاب الحارس دلف احمد لغرفة الشيخ كان يجلس متكئا على اريكة من الحرير وامامه انية مليئة بشتى انواع الفواكه ..وبادر احمد بالسؤال
: نعم … ايها البطل المجاهد هل انهيت المهمة …هل قتلت ذلك الكافر الملحد ؟
ببطء اجاب احمد : نعم يا شيخنا الجليل لقد انهيت المهمة على اكمل وجه …لقد تركته يسبح بدمه …. ارتسمت على وجه الشيخ ابتسامة باهتة
رصاصة …رصاصتان … ثلاثة … كان الحارس المدجج بالسلاح يقف على الباب وهو يردد الله اكبر بينما تهاوت جثة احمد وكان الدم النازف يتناثر على الفاكهة والشيخ يردد …الله الله .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى