الشاشة الرئيسيةمحلياتمقالات

في عيد ميلاد الملك…. نهج ثابت ومنطقة تحترق

الدكتور عبدالمهدي القطامين

كان قدر هذه المملكة الصغيرة التي تقع في قلب العالم النابض بالديانات والحضارات والعلم والمعرفة ان تكون دائما على مقربة من نيران التغييرات التي تهب في كل حين بفعل عوامل املتها سياسات العالم المتغيرة هي ايضا والساعية الى تثبيت مصالح الدول الكبرى وتلك الطامحة ان تكون كبرى وكان السبب الرئيس في تنامي الاهتمام الدولي بالمنطقة هو تربعها على اكبر احتياطي عالمي للنفط عصب الحياة الحديثة اضافة الى مصالح دولة اسرائيل التي ترعاها الدول الكبرى منذ نشؤها كنبت شيطاني في اقدس بقاع الارض .

ما ورثه الملك عبدالله الثاني كان ورثة ثقيلة زاد ثقلها وارتفع بعد اندلاع الربيع العربي الذي كان له مبررات قيامه بفعل اشتداد الحملة الديكتاتورية من قبل الحكام على الشعوب اضافة الى ضعف البنية الاقتصادية للمملكة التي ظلت طويلا تعتمد على المساعدات القادمة من دول شقيقة واخرى صديقة وكان لا مفر امام من يحكم هذه الوطن ان يظل على اطراف الحياد في كل المسائل الدولية الشائكة نظرا لانتفاء القدرة على المواجهة الفردية مع اي عدو محتمل او عدو قائم لذا فان المملكة منذ نشوئها كانت على مرمى حجر من اقليم ملتهب وكانت السياسة وحدها هي القادرة على البقاء بعيدا عن اية متغيرات تعصف بالمنطقة والعالم وهي السمة الاساس التي حرص عليها ملوك المملكة منذ الملك المؤسس عبدالله بن الحسين وحتى الملك المعزز عبدالله الثاني ابن الحسين .

المملكة في عهدها الرابعة ما زالت تلعب نفس الدور الذي استنه الملوك الاوائل من بني هاشم وهو دور يضعها دائما في المواجهة مع بعض من يتخذون النقد السياسي نهجا لهم داخليا وخارجيا والامر المؤكد لو ان المملكة اتخذت اي سياسة اخرى غير الحياد والاستناد احيانا الى تأثير ودعم القوى العظمى فإنها ستكون في مهب الريح في ظل عالم عاصف الثابت الوحيد فيه هو التغيير .

وعلى الرغم من ان المملكة بقيادة الملك عبدالله الثاني خرجت من الربيع العربي باقل الخسائر داخليا الا انها دفعت اثمانا باهظة لما يجري في دول الجوار من اضطراب واحتراب وتنازع على الهوية والفئوية والطائفية فأن المملكة لم تقم باي دور تجاه تعزيز اي طائفة على اخرى او الانحياز الى جبهة ضد اخرى فحافظت على حيادها وعلى دعوتها لنبذ العنف والتطرف وتحريم الاقتتال الداخلي لاي سبب كان ومحاربة الارهاب أيا كانت ديانته وشكله ومعبده .

وعلى الصعيد الاقتصادي كانت جولات الملك عبدالله الثاني في مختلف دول العالم تضع المملكة في مصاف الدول القادرة على جذب الاستثمار وتوطينه فيها لذلك كان من النادر ان تخلو زيارات الملك الخارجية وللدول ذات الثقل الاقتصادي الكبير من دعوة لزيارة المملكة والاطلاع على ما يمور فيها ويظهر من فرص اقتصادية واستثمارية الامر الذي جعل المملكة مقصدا للاستثمار العالمي وهو ما ينعكس على بنية الاقتصاد الوطني ايجابا على الرغم من تنامي المديونية والتي هي ثمن التطوير والبناء الذي تشهده المملكة وليس كما يدعي البعض انه نتاج مؤسسات فاسدة اضاعت الكثير على الوطن ولسنا في معرض الدفاع عن اي فساد هنا مع اعترافنا ان الفساد موجود لكنه ما زال دون مستوى التأثير الكبير على مرافق الدولة ولم يرقى بعد الى مستوى الفساد الكبير الذي يعيق بناء الدول ويحولها من دول ناجحة الى دول فاشلة .

الدولة العميقة في المملكة ما زالت ماكنتها تعمل وإذ يلوح هنا او هناك بعض الخلل الا انه ما زال خللا غير قاتل ولا يخرج عن كونه اخطاء لا تكتسب صفة المؤسسية وهو الامر الذي يحرص عليه جلالة الملك فالملك يدرك ان الدولة العميقة هي اساس استمرار الدولة الاردنية وهي التي مكنت هذه المملكة من الصمود كل هذا الوقت في وجه تغيرات عاصفة في الاقليم .

من يرافق الملك في زيارته الخارجية وفي المحافل الدولية يدرك حجم الانجاز الذي يحققه كل نشاط يقوم به فالملك يحرص حتى على شرح التفاصيل الصغيرة عن المملكة وعن قدرتها على البناء وسعيها له بعيدا عن الهدم .

نقول لجلالة الملك في عيده التاسع والخمسين كل عام وانت بخير ايها القائد وكل عام والوطن آمنا مطمئنا وكل عام والبطانة اكثر قدرة على الاصلاح واقل قدرة على وضع الحواجز وكل عام والمخططون يحسنون الامر ولا يخربونه وكل عام وناسنا في افضل حال فهم عماد هذه الأرض ورمز ديمومتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى