عدوى النجاح هل تهب رياحها من الفوسفات

الدكتور عبدالمهدي القطامين
وسط الكثير من الضباب الذي يخيم على مجمل الادارة العامة والشركات العامة وكذلك الخاصة التي تراوح مكانها منذ عشرات السنين فاننا بتنا بحاجة الى نشر عدوى النجاح مستلهمين ذلك من الشركات الناجحة التي استطاعت ان تحقق تقدما بالغ الاثر في مسيرة الاقتصاد الاردني الذي ينوء باحماله هذه الايام .
واذا كان الفشل يجر الفشل فان الاحرى ان يجر النجاح النجاح وان تنشر عدواه بين مؤسسات الاقتصاد والاستثمار وحتى مؤسسات الخدمات فما معنى ان تتفوق شركات مثل الفوسفات والبوتاس في ظل اقتصاد عالمي معقد وما معنى ان تظل العديد من الشركات الوطنية تراوح مكانها مكتفية بتعداد ارقام خسائرها وتدب الصوت طلبا لمعونة من الحكومة والحكومة لا تكاد تلتقط انفاسها من وقع موازنة تأكل المصاريف التشغيلية جل موازنتها فيما تلتهم خدمة الديون ما تبقى منها
ترى ما هي الخلطة السحرية التي تمكننا من النهوض بالشركات الوطنية المتعثرة والمديونة دون ان اذكر اسماءها فكلم تعرفونها .
الامر لا يحتاج ابدا الى ضرب الودع او قراءة الفنجان فالسر واضح لكل ذي عينين هو الادارة والادارة وحدها حينما تلتفت الى قراءة الواقع والمستقبل وتضع خططها على هذا الاساس فكما يقول علماء الادارة من لا يستطيع التغير والتغيير حتما مصيره الزوار لان الثابت الوحيد في عالم الاعمال هو التغيير .
لقد جربنا في الكثير من الشركات على سبيل المثال استقطاب خبرات خارجية من دول شتى ولم تستطع ان تغير من الواقع شيئا وتقاضت مبالغ خيالية لكن ذلك لم ينعكس ابدا على اداء الشركات وظلت تحقق الخسارة تلو اخرى وقد سقطت تماما مقولة ان “كل فرنجي برنجي ” مع عدم معرفتي ما معنى برنجي هذه او من اين جاءت والتصقت بالمثل الذي نسمعه كثيرا .
في شركة الفوسفات التي تواصل تحليقها هذه الايام وتحقق ارباحا مجزية لم يتم استقدام خبير من هونولولو ولا من نيس بل تم اناطة المسؤولية لرجل قدم من “الجديدة ” وهي قرية تتكىء على كتف مدينة الكرك من الناحية الجنوبية الشرقية حين تهب فيها زوابع تشرين لا تكاد ترى فيها اصبعك ولعله من الجيل الذي كان يمشي عشرات الكيلومترات كل يوم على الاقدام وصولا الى مدرسة الكرك الثانوية الوحيدة في تلك الايام وهو رجل متسلح بالعلم والمعرفة في مجال الادارة واستطاع ان يطبق ما تعلمه من ادارة على واقع الشركة التي وصلها وهي تكاد تلفظ انفاسها وفي اقل من ست سنوات كانت من ضمن اول مئة شركة كبرى في منطقة الشرق الاوسط كله من حيث الايرادات والتنوع في المنتج .
في المثل قالوا ان الفرس من الفارس تستطيع ان تحاوره كلما احست بضيم وتحس بهمز راكبها او حين يشد عنانها وتلك قصة اخرى استطا ع الشعراء العرب الاوائل ان يرسموا معالم ملحمية في تلك العلاقة الانسانية .
ما اردت قوله وعطفا على العنوان اعلاه لا احد يمسك الاداري الناجح لينجو بمؤسسته او وزارته او شركته ويبحر بها الى شط الامان فليس هناك من يعرقل اذا كان القصد البناء والاعمار والتذرع احيانا بالظروف ما هو الا “علاقة ” يضع عليها الفاشلون اسباب فشلهم وما اردت قوله ان المطلوب من كل المؤسسات ومن يتربع على كرسي قيادتها وادارتها ان يحسوا بعدوى النجاح وان يشمروا عن اياديهم للعمل فالانتظار ابدا ليس في مصلحة الوطن وليس في مصلحة الناس ولا في مصلحة الاقتصاد .