الاردن …ورمال السياسة المتحركة

الدكتور عبدالمهدي القطامين
للجغرافيا استحقاقها وللتاريخ ايضا مثل ذلك وهذان العاملان شكلا جزءا من السياسة الخارجية الاردنية منذ قامت الدولة الاردنية الحديثة على هامش اتفاقية سايكس وبيكو اذ رسما خطوط الصراع وحدود الموت ثم انسحبا من المشهد ليظل مسرح العمليات في هذا الاقليم مفتوحا على كافة الاحتمالات.
الاسبوع القادم سيكون الملك عبدالله الثاني ضيفا على دولة قطر وقطر الامارة التي بدأت تلعب سياسة دولية واسعة الاطراف واصبحت لاعبا اقليميا يشار اليه بالبنان تدرك ان الاردن اصبحت بيضة القبان في قضايا المنطقة وتناقضات السياسة العالمية وكل ذلك لم يحصل لولا ان الاردن بقيادة الملك عبدالله ادرك منذ اللحظة الاولى عبثية مسعى الادارة الامريكية السابقة واصرارها على تغيير قواعد اللعبة في الانحياز المطلق لإسرائيل عبر تأييد يهودية الدولة المحتلة وتهويد القدس ومحاولة وضع حد للرعاية الهاشمية للمقدسات مثلما ادرك عبثية الحرب التي شنت على اليمن لوقف النفوذ الايراني فيها ثم انحراف هذه الحرب عن مسارها لتتحول الى تقاسم للنفوذ في بلد ظل دوما عصيا على كل الغزاة .
كان موقف الاردن من التحالف موقفا خجولا فيه وقفة على استحياء الى جانب التحالف العربي لعدم جدواه في اي تغيير وحين ارتفعت الاصوات من بعض قوى الداخل والخارج معا لقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر كان القرار الاردني الحكيم بعدم فعل ذلك والاكتفاء بتجميد العلاقات الى حين .
زيارة الملك المقررة لقطر قريبا ستذيب جليد العلاقات خاصة بعد ان بدأ امير قطر بالخطوة الاولى لزيارة عمان قبل اشهر عدة .
الرمال السياسية الخليجية تتحرك وفقا لحسابات تبدو غير مفهومة في الكثير من الأحيان وهي تعاند احيانا ما يدور في عمان من ترتيبات منطقية خاصة بالشأن السوري فبعد عشر سنوات من الحرب ظلت سورية واقفة على قدميها ولم يعد الاسد جزءا من المشكلة بل اصبح جزءا من الحل وهو ما ادركته السياسة الاردنية منذ بدء تلك الحرب وظلت تحث على حل سياسي يخرج بأقل الخسائر لكن تلك النداءات كانت تذهب ادراج حمى الانسياق نحو مآرب سياسية إسرائيلية تتمثل بوقف النفوذ الإيراني وتوجيه البندقية العربية نحوه لتكسب أولى معاركها الدبلوماسية التاريخية مع العرب ثم الهرولة التي شهدناها للتطبيع مع العدو الصهيوني ونحن هنا نؤكد ان أطماع إسرائيل وسياستها التوسعية ليس لها حدود ونكتفي بالإشارة الى ادبيات وميثولوجيا دينية يهودية شكلت اتجاه بوصلة اليمين المتطرف والوسط واليسار المتطرف اذ ينشدون كل حين ….. للنهر ضفتان ، هذه لنا ، والأخرى لنا أيضا .
التناغم الأردني القطري له مبرراته السياسية والاقتصادية ولا يعني باي حال من الأحوال ان يدير الأردن ظهره الى منظومة الخليج فتلك ليست من طبائع السياسة الأردنية التي سمتها الاعتدال والوسطية بعيدا عن التشنج .
اجزم ان الملك عبدالله والأمير تميم قادران على رسم معالم سياسية جديدة في المنطقة التي اتلفتها الصراعات العبثية مثلما هما قادران على إيقاف النزيف السوري والنزيف اليمني فقد بدت حرب اليمن بلا معنى بعد سنوات اكلت معها الأخضر واليابس مثلما كانت حرب سورية التي اخرجتها من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي تماما لتتفرغ فقط لمداواة جراحها النازفة .