الشاشة الرئيسيةمقالات

شهيد تل الذخيرة

بقلم عبدالمهدي القطامين

كنت نسيج وحدك …لم يتعرف عليك احد …ساعتك المتوقفة على الواحدة والثلث وخاتم ذهبي ربما كان هديتك الاولى من زوجتك التي ودعتك عندما ازف الرحيل ونادى المنادي حي على الجهاد وتلك الرصاصات الحية على يمينك لم يترك لك العدو وقتا لتطلقها بوجهه الخادع …من انت من اي ديرة اتيت يا صاحبي وكم تركت خلفك من الاحباب والاصحاب يوم ان راح صوت رفاقك الابرار يرتفع من حولك مرددين …هبت النار والبارود ولع …انه البارود يا صاحبي الذي لم يتعرف عليه احد….. كنت تدرك وانت في الخندق تمسك رشاشك المنصوب امساكة محب وعاشق كنت تدرك ان المنية ولا الدنية واقسمت بجديلة امك الجنوبية او الشمالية البدوية او الفلاحة المزروعة في الارض ان لن يمر الغزاة ….يداك ما ارتعشتا وعيناك كانتا تحدقان بعيدا تلمحان قطعان الغزاة ….
وَقَفْتَ وَمَا فِي الْمَوْتِ شَكٌّ لِوَاقِفٍ
وَوَجْهُكَ وَضَّاحٌ وَثَغْرُكَ بَاسِمُ
تَمُرُّ بِكَ الْأَبْطَالُ كَلْمَى هَزِيمَةً
كَأَنَّكَ فِي جَفْنِ الرَّدَى وَهْوَ نَائِمُ

….كنت تدرك ان القدس كانت البدء والمنتهى وانها غصت بالام الذين اسلموا وجهها للغريب ذات هزيمة ….يا خلف …يا سعيد ….يا عبدالله …يا زيد …يا …يا كل هذه الاسماء التي حين اعلن النفير القت ما بيدها وهبت صائحة …يا رائحة الجنة فوحي قد اتينا ..
عسكري اردني شمالي جنوبي من الوسط كن من اي جهات الاردن يا حامل التاج على الجبين الأغر فكل الجهات انتخت يوم نادى المنادي …وين راحوا النشامى …وكل العشائر ردت لبيك يا قدس كلنا نحن الفدا .
لم يتعرف عليك احد يا صاحبي لكنني عرفتك وعرفت ان الميم ون ظلت بين يديك تهدر في وجوه صعاليك الارض وفتنتها
وكنت وحدك تدرك ان الموت قادم بين اغماضة عين وانتباهتها وكنت تدرك ان سلمى صغيرتك التي راحت ابتسامتها تلوح بين عينيك كانت تودعك الوداع الاخير حين ضممتها للصدر وهي ترجوك
…يابه جيب لي معك هدية عروس لونها زهر…..
لم يتعرف عليك احد ولكنني عرفتك يا صاحبي اولست انت ابن قريتنا وقد رأيت دمعات امك تنحدر من عينيها حين رددت ….مع السلامة يا وليدي ….ورأيت ابيك صك الشماغ على وجهه ودارى دمعة حيرى كي لا تراها تنحنح ثم بصوته المتهدج قال ….سلامة …لا تخون الامانة …القدس يا ولدي امانة بين ايديكوا .
لم يتعرف عليك احد يا صاحبي ولكنني اذكر وقد كنت ابن خمس سنين ان والدي كان يدير مؤشر “الراده” على محطات العرب كلها ليستمع اخبار القتال هناك فقد كان ابنه “محمود “مع المقاتلين في القدس وكان ابنه البكر “علي” مع الثورة الفلسطينية في الكويت يحشدون الدعم من كل بقاع الارض لنصرة فلسطين وكان والدي بين الفينة والاخرى يتنهد …يحتد …يرنو في وجوهنا جميعا يقلب بصره في السماء ثم بصوت خافت يردد….يا رب .
لم يتعرف عليك احد يا صاحبي الشاهد والشهيد في تل الذخيرة لكنني عرفتك فذاك الشماغ المهدب نعرفه جميعا ورفاقك كلهم يعرفون انك القيت بجسدك على المتراس وامسكت شاربك الكث مرددا ….من هالشارب الا نحارب .
نم يا صديقي فأنت ابن هذا الملح وابن هذه الارض وابن الاردن الذي شيعته مقدسيات اقسمن انهن كن وما زلنا امهات للشهداء .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى