حين أراقت شمس الضحى نورها على البطاح

الغواص نيوز
سليمان قبيلات
حين أراقت شمس الضحى نورها على البطاح، استأنفت الجميلة، نثر فتنتها في الأرجاء. كانت تتخفّفُ من حمْلها على أهبة خريف ثقيل الوطأة. هي لم تقطع مع تأثيث ذاكرة القطاف بصور ترصد إسهامها الثري في رفع رصيدِ الحياة وولادة فتن جديدة.
في نهارات السفح حيث كانت تقف مترعةً بالحب، ردّدت الجميلة على مسامع الجيران وعابري الطريق: نحن سواء في عماء الغريزة. على أبواب رحيل إلى منافي الحاجة همست الجميلة قبل الوداع: أنا هنا في السفح باقية على الرغم من توالي الفصول.
حدّث منتظرُ أوبةِ القطاف نفسه بلا كلل أن محبوبته الجذلة سترتمي في أحضانه بحكم التكوين، مثل فراشة في انشدادها للهب.
بعد غياب مثقل بذاكرة تأسّنت دفاتها تحت سياط المحل، اختارت الجميلة الانسحاب من مشهد السفح ملفوفة بعقم وسكوت أبدي، فتساءل المنتظر: أي حياة تنبري من ثنايا جثة روح جميلة ابتليت ببلادة تتثاءب لفرط توطنها في موات الحقول. تلك الجميلة غدا مكانها اليوم في السفح قاعاً صفصفاً! هكذا هُيئ للمنتظر الذي كان يرى في جميلته الراحلة تكثيفا لسيرته مع الأُنوثة.
نعى السفح جميلته لكنها ظلت وجعاً نقتسمه بقسطاس، فقد كانت أجمل الجميلات حتى في نومتها الأبدية.
قام بندائها: يا أجمل النائمات، يا أيقونة الخلود في الذكر الحكيم.
يا وجعَ الجمال في سعيه للاستقالة.
ذرفتُ دمعةً على قصة عشق تائه فيما السفح يمنع دمعاً غادر حدقة عينيه لينتحر على الخدين.
تلك الجميلة عاشت عشرين عاماً في كامل بهائها، بثت الحبَّ في الأرجاء لكنها غادرت قبل أن تكتمل ابتسامة.