الناقل الوطني ….ضرورة وطنية ملحة

الدكتور عبدالمهدي القطامين
حسنا فعلت الحكومة ووزارة المياه والري عبر الاسراع في تنفيذ التوجيهات الملكية بخصوص تنفيذ الناقل الوطني الذي ما زال مشروعا منذ عشرين سنة ولم ير النور فبالأمس تسلمت اللجنة المختصة والمشكلة لغايات تنفيذ الناقل الوطني اول عرض فني مقدم من شركة عالمية لتنفيذ الناقل الوطني الذي سيوفر ما يزيد على 300 مليون متر مكعب من المياه الصالحة للشرب بمعنى انه سيحل مشكلة المياه في الاردن على الاقل لمدة عشرين سنة قادمة .
خيار النقل الوطني كان مطروحا على بساط البحث سنوات طويلة وكان اسهل الحلول هو توقيع اتفاقية مياه مع دولة اسرائيل المحتلة باعتبار ذلك سيحسن من الامن المائي الاردني بحكم معاهدة السلام بين المملكة وبين اسرائيل لكن وفيما يبدو وكما هو معروف فان دولة اسرائيل المحتلة لا امان لها مع من تتفق معهم اوتعاهدهم فكيف اذن تسعى لتحقيق الامن المائي لدولة مهما كانت معها المعاهدات ففي العقيدة اليمينة الدينية المتطرفة عند اليهود ان العربي الجيد هو العربي الميت فان لم يمت بالصواريخ مات بالعطش .
اقدر عاليا هذا التوجه الاستراتيجي الجديد لهذا الموضوع الحيوي للدولة الأردنية لكن الطريق صعب وفيه الكثير من العقبات لكنه ايضا غير مستحيل بل ممكن التحقق بوجود الإرادة الوطنية والاصرار على ان يكون امننا الوطني المائي بيدنا لا بيد غيرنا مهما كان هذا الغير وهذ يستدعي ايضا اعادة النظر في الاستراتيجية الوطنية للمياه لتقليل الفاقد المائي الذي يعد من اكبر الفواقد المائية على المستوى العالمي فمن غير المعقول ان يصل هذ الفاقد الى ما يزيد عن نسبة 52 % من كميات المياه المستخرجة والمستجرة لتزويد الناس بحاجاتهم من المياه الصالحة للشرب والفاقد المائي لمن لا يعلم هو الفرق بين كميّات المياه التي تُنتج وقيمة الفواتير التي تُحصّل ثمنًا لهذه الكميات. ويحدث بسبب عاملين رئيسيين: عامل فني تتسرّب المياه فيه من شبكة التوصيل إلى الأرض بسبب سوء التشغيل أو اهتراء جزء من الشبكة والتأخر في إصلاحها. وآخر إداري يحدث بسبب عدم دقّة حساب كميات المياه المنتجة من مصادر المياه أو الكميات الواصلة إلى المنازل، بالإضافة إلى كميات المياه المسروقة التي لا يُدفع ثمنها
وفي الاستراتيجية الوطنية للمياه للفترة ما بين 2016-2025، لتقليل الفاقد المائي في المملكة، تم التركيز على حصر الاستخدام غير القانوني للمياه وتغليظ العقوبات ورصد كميات المياه وإصدار الفواتير بناء على الاستهلاك، وفحص العدادات بشكل دوري للتأكد من صلاحيتها، وإعادة تأهيل البنية التحتية لشبكات المياه، بما في ذلك الأنابيب الرئيسية وخطوط التوزيع. الا ان هذه الاسترايتجية لم تحقق ما هو مأمول منها ووفق ولم تحقق النسب التي تسعى لها كتخفيض الفاقد من 3-6% سنويًا، مع استهداف تخفيض الفاقد 25% على المستوى الوطني بحلول العام 2025. إذ وبعد نحو خمس سنوات على بدْء تنفيذ الاستراتيجية اي في نهايات العام 2020 ، انخفض الفاقد 4.5% على مستوى المملكة لتصل نسبة الفاقد الى ما يقارب 47% من كميات المياه التي تضخ .
الخيار الصحيح وهو الناقل الوطني بات على المحك الان وقبل اي يوم آخر او وقت آخر وان نبدأ اليوم خير من ان نبدأ غدا وتباشير هذا الحل الوطني هلت يوم امس باستلام العرض الفني المقدم للجنة الوطنية المشكلة لهذه الغاية من كفاءات وطنية مشهود لها بالخبرة والدراية ………فمتى نرى حفر الجرافات في العقبة معلنة بدء هذا المشروع الوطني بامتياز ؟