القطاع العام يجرم موظفيه ….والحكومة اذن من طين واخرى من عجين
د.عبدالمهدي القطامين
ما زال القطاع العام يجرم موظفيه وينهي خدماتهم بسيف التقاعد المبكر بسبب وبدون سبب وبرغبة وبدون رغبة وكأنه في ساحة مواجهة معهم ويريد الثأر منهم على ما قدموه لمؤسساتهم ووزاراتهم فيما تكتفي الحكومة بموقف المراقب الصامت على ما يجري وكأن الامر لا يعنيها مطلقا وكأن الضمان الاجتماعي الذي يتلقى تلك الدفعات المحالة على التقاعد المبكر ليس اموال الناس بل أموال مزرعة سعيدة اتاحت للقطاع العام والخاص معا الإحالة عليه دون رفة من جفن او عزاء في جريدة .
افهم ان تعمد وزارة ما او مؤسسة ما الى إحالة موظف على التقاعد المبكر لتدني انتاجيته مثلا وتدني مستويات تقييمه وترهله وعدم مبالاته بالعمل فيتحول الى عبء على مؤسسته وهنا اتاح نظام الخدمة المدنية للمرجع المختص حرية احالة ذلك الموظف على التفاعد المبكر للخلاص منه ولمنع تاثيره الضار على مجتمع وكوادر المؤسسة لكن ما لا افهمه ابدا ان تتم الإحالة بصورة جماعية وبقوائم تنزل كالصاعقة على مستخدمي الحكومة والشركات ايضا وتحويل تلك الجيوش الى ميزانية تقاعد الضمان الاجتماعي الذي بدأ يضج من كثرة ما يأتيه من اعداد محالة للتقاعد المبكر دون ذنب سوى ان الوزير او الرئيس الفلاني يرغب بذلك وبلطوا البحر او ارصفوه في رواية اخرى .
ولعل ما يكتبه الزميل الاعلامي والحفوقي موسى الصبيحي والذي كان ناطقا رسميا باسم الضمان خير من كتب في هذا الموضوع وما زال يكتب كل يوما مناديا اصحاب القرار ودون جدوى او استجابة وكلما زادت مناداته زادت الاحالات على التقاعد المبكر
يقول الصبيحي في مقالة كتبها اليوم ان ما نسبته 65% من متقاعدي الضمان عام 2023 يقع ضمن التقاعد المبكر مستندة الحكومة في انهاء خدماتهم واحالتهم الى التقاعد المبكر الى الفقرة ب من المادة 173 في نظام الخدمة المدنية والتي مكنت المسؤول من احالة الموظف على التقاعد المبكر بطلب منه او بدون طلب ثم يوضح الصبيحي ان فاتورة الرواتب التقاعدية الشهرية في الضمان وصلت الى حوالي 145 مليون دينار تستحوذ رواتب التقاعد المبكر على ما نسبته 60 % من اجماليها .
امام هذا الوضع القاتم لمستقبل الضمان اذا استمرت الحكومة في احالات التقاعد المبكر بهذه الكثافة غير المسبوقة سيكون مستقبل الضمان مظلما وسيصل سريعا الى تساوي ايراداته مع نفقاته وتلك ستكون الفاس التي ستقع في الراس حينها ستفهم الحكومة ان ممارسات أجهزتها هي السبب وان الشباب الذين قتلوا بسيف التقاعد المبكر لهم خطية كبرى ستظهر اليوم او غدا .
فهل ترعوي الحكومة وتوقف هذا النزيف في الكوادر أولا وفي الضمان ثانيا وتضع حدا لممارسة إدارية ترقى الى مرتبة جريمة إدارية ومالية بحق الناس وحق الضمان معا .
ننتظر ونرى