دخان احتراق الجثث يغطي سماء العاصمة الهندية

غطى الدخان المتصاعد من عشرات الحرائق سماء العاصمة الهندية نيودلهي، فيما تسارعت الجهود لإنشاء مزيد من المحارق الجماعية مع تصاعد عدد وفيات فيروس ”كورونا“ في الهند، حيث وصفت منظمة الصحة العالمية الوضع بأنه كارثي.
ونقلت صحيفة ”مترو“ البريطانية عن مسؤولين قولهم، إنه مع اكتظاظ محارق الجثث الحالية، كان لا بد من إنشاء مرافق مؤقتة لحرق مئات ضحايا فيروس ”كورونا“ الذين يموتون حاليا كل يوم.
وقال جيتندر سينغ شانتي، الذي ينسق حرق حوالي 100 جثة يوميا في الموقع في شرق المدينة: ”الناس يموتون ويموتون ويموتون… إذا حصلنا على المزيد من الجثث فسوف نضطر لحرق الجثث على الطرق؛ لأنه لم تعد هنا مساحة كافية“.
وأظهرت الصور تصاعد الدخان من عشرات المحارق المضاءة داخل موقف للسيارات، التي تحولت إلى محارق مؤقتة للجثث ليلا ونهارا.
بدوره، قال مامتيش شارما، المسؤول في محرقة بهادبادا فيشرام غات في بوبال، التي توصف بالمدينة الخضراء، إن ”الفيروس يبتلع سكان مدينتنا مثل الوحش…. نحن نحرق الجثث بمجرد وصولها، ويبدو الأمر كما لو أننا في وسط حرب“.
وأشارت وسائل إعلام محلية، إلى أن الهند سجلت أكثر من 320 ألف حالة إصابة جديدة بفيروس ”كورونا“ الثلاثاء، ليصل العدد الإجمالي إلى 17.6 مليون، وهي أعلى حصيلة في أي دولة، باستثناء الولايات المتحدة، فيما أبلغت وزارة الصحة عن 2771 حالة وفاة أخرى خلال 24 ساعة.
التجمعات الضخمة فاقمت الجائحة
وقالت منظمة الصحة العالمية الثلاثاء، إن الناس في الهند يهرعون إلى المستشفيات دون داع، ما يفاقم أزمة تزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا بسبب التجمعات الكبيرة وظهور سلالات شديدة العدوى وانخفاض معدلات التطعيم.
وتقترب الوفيات بسبب الجائحة في الهند من مستوى 200 ألف، ولم يعد لدى المستشفيات ما يكفي من الأوكسجين والأسرّة، وبدأت في الامتناع عن استقبال مرضى كورونا الناجم عن الفيروس.
وقال طارق ياسارفيتش المتحدث باسم المنظمة: إنها تقدم التجهيزات والإمدادات اللازمة للهند ومنها أربعة آلاف مولد أوكسجين لا يحتاج إلا لمصدر طاقة.
وأضاف أن أقل من 15 % من مرضى كورونا هم الذين يحتاجون فعليا لدخول المستشفى، وأن نسبة أقل تحتاج الأوكسجين.
وقال ”في الوقت الراهن، جزء من المشكلة أن الكثيرين يهرعون للمستشفيات (لأنهم لا يحصلون على المعلومات أو النصح) على الرغم من أن الرعاية الصحية في المنزل يمكن إدارتها بشكل آمن“.
شكوك حول الأعداد الحقيقية
وخلص تحقيق نٌشر اليوم الثلاثاء إلى أنه لم يتم تضمين ما لايقل عن 1150 حالة وفاة بفيروس كورونا ضمن الاحصاء الرسمي للوفيات بالفيروس في نيودلهي، مما يشير إلى أن العدد الحقيقي لحالات الوفاة بالفيروس يمكن أن تكون أعلى.
وأثارت الصور الجوية ، التي تظهر حجم محارق الجثث في العاصمة، مخاوف بشأن عدم تطابق الاعداد الحكومية والإجمالي الفعلي لحالات الوفاة بالفيروس .
وتوصل تحقيق مستقل أجرته شبكة ” ان دي تي في”، التي زارت مكتب الشؤون المدنية بالمدينة وسبع أراضي مخصصة لحرق الجثث، إلى أن القائمة الرسمية لحالات الوفاة بالفيروس لم تشمل المئات من حالات الوفاة المرتبطة
بالفيروس.
وأظهرت بيانات مدينة دلهي من 26 محرقة للجثث أنه تم حرق 3096 جثة من ضحايا فيروس كورونا في الفترة ما بين 18 و 24 نيسان/أبريل الجاري.
ولكن في نفس الوقت، سجلت حكومة دلهي 1938 حالة وفاة بفيروس كورونا، مما يشير إلى عدم تسجيل 1158 حالة وفاة.ولم يعرف بعد سبب عدم تطابق الأرقام.
وسجّلت الهند الاثنين 352,991 إصابة جديدة في يوم واحد في أعلى حصيلة إصابات في العالم، بالإضافة إلى 2812 وفاة في أعلى حصيلة وطنية. والهند هي رابع دولة أكثر تضرراً في العالم من حيث الوفيات، مع أكثر من 192 ألف وفاة. وتعمل محارق الجثث بأقصى سرعة في الأيام الأخيرة.
وما زالت النسخة المتحوّرة الهندية تثير تساؤلات. وأشارت منظمة الصحة إلى أنه لا يزال غير معروف ما إذا كان “ارتفاع معدّل الوفيات ناجم عن الخطورة الشديدة للمتحوّرة أم عن إجهاد قدرات النظام الصحي بسبب الارتفاع السريع لعدد الإصابات، أم أنه ناجم عن الاثنين معاً”.
ورُصدت هذه النسخة المتحوّرة في بلجيكا وسويسرا واليونان وإيطاليا في وقت تخفف دول أوروبية عدة القيود هذا الأسبوع.
الغرب يهب لمساعدة الهند
بدأت المساعدة الدولية تصل صباح الثلاثاء إلى الهند. ووصلت أول شحنة من المساعدة الطبية البريطانية التي تحتوى خصوصا على مئة جهاز تنفس ميكانيكي و95 جهاز توليد أكسجين، إلى نيودلهي في طائرة لوفتهانزا.
في المجمل، سيتمّ إرسال تسع حاويات جوية هذا الأسبوع محملة بمعدّات من بينها 495 جهاز توليد أكسيجين و120 جهاز تنفس عبر القناع و20 جهاز تنفس يدوي، بحسب المفوضية البريطانية العليا في نيودلهي.
وتعدّ الهند أكبر منتج لقاحات في العالم، وشرعت منذ أشهر في تصدير ملايين الجرعات عبر العالم تخص نوعية محلية من لقاح أسترازينيكا، غير أنها علقت منذ مدة عمليات التصدير بعد تصاعد الإصابات على ترابها وحاجتها للقاحات.
كما تستعد الحكومة الألمانية لإرسال مساعداتها للهند، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية اليوم الثلاثاء إنه يتم العمل على مهمة الدعم المخطط “بأقصى سرعة” منذ نهاية الأسبوع الماضي، وأضاف: “يتعلق الأمر بشكل خاص بأجهزة التنفس الاصطناعي ونظام توليد الأكسجين المتنقل والأدوية”.
وبحسب البيانات، تتولى وزارة الخارجية تنسيق الجهود، بينما تساهم وزارتا الصحة والدفاع بالمواد. وسيتولى الجيش الألماني مهمة النقل.
وذكر المتحدث ردا على استفسار أنه ليس من المخطط توريد لقاحات للهند، مضيفا أن الهند نفسها واحدة من أكبر الجهات المنتجة للقاحات في العالم وتنتج بشكل أساسي لقاح أسترازينيكا.
من جهتها، أعلنت فرنسا أنها ستساعد بإرسال ثماني وحدات توليد أكسيجين طبي من خلال مولّد وحاويات أكسجين مسال سبق أن أُرسلت خمسة منها، تسمح بتوفير الأكسيجين الطبي لما يصل إلى 10 آلاف مريض في يوم واحد، بالإضافة إلى معدّات طبية خاصة تحتوي خصوصاً على 28 جهاز تنفس، بحسب ما أفادت السفارة الفرنسية في بيان.
وتعهّدت الولايات المتحدة إثر مكالمة هاتفية الاثنين بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، بتقديم “مساعدة عاجلة” تتضمن خصوصا مكونات لانتاج لقاحات ومعدات حماية وأجهزة تنفس وفحوص كشف الاصابة.
وأعلنت المفوضية الأوروبية الثلاثاء أن الاتحاد الأوروبي سيرسل سفينة مساعدات تحمل معدات طبية إلى
الهند. وتضم الشحنة ، من بين مواد أخرى ، 780 مكثفًا للأكسجين وإمدادات من عقار ريميديسفير لعلاج مرضى كوفيد – 19 ومئات من أجهزة التنفس الصناعي.
وقال يانيز ليناركيتش ، المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات ، إن الإمدادات تم توفيرها من جانب الدول الأعضاء وإن تغطية تكاليف النقل ستكون بشكل أساسي من أموال الاتحاد الأوروبي. وأضاف “الاتحاد الأوروبي يتضامن بشكل كامل مع الشعب الهندي ومستعد لبذل قصارى جهدنا لدعمهم في هذا الوقت الحرج ” .