الخطر القادم من الغرب وتحصين الداخل

الغواص نيوز
الدكتور عبدالمهدي القطامين
ثمة خطر قادم من الغرب ومن لا يراه يكون اعمى البصيرة والبصر وهذا الخطر القادم لا يمكن ان تكون مواجهته فقط ” بالتبطح الدبلوماسي ” بل باجراءات فعلية على ارض الواقع تستند الى شرعية الحق الاردني في بقاء الاردن دولة ذات سيادة قادرة على حماية حدودها برجالها وجيشها وكافة افراد مجتمعها .
لقد اثبتت الدبلوماسية انها لا تواجه العدو المغتصب للارض والذي لا يقف كثيرا عند اي تشريع دولي او اي قرار اممي بل يقف فقط ان رأى مقابله قوة مادية ومعنوية واطماع حكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو لا تقف عند حدود الوصاية الهاشمية على الاقصى والمقدسات المسيحية والاسلامية هناك ولكنها تتعدى ذلك الى تهديد وجودي للنظام الاردني وللدولة الاردنية جغرافيا وتاريخيا وحاضرا ومستقبلا عبر ترديد اسطوانته المشروخة بموضوع الترانسفير والوطن البديل .
والسؤال الذي يبحث عن الاجابة هل الاردن قوي الى حد انه يمكنه الوقوف في وجه قوة الاحتلال التي ما فتأت تهدد كل حين وبعيدا عن المقارنات المادية وموازين الاسلحة والقوة العسكرية الجواب بالتاكيد ان الاردن قوي بما يمكنه من المواجهة باساليب متعددة لعل احدها الدبلوماسية ولكنها غير كافية امام الاطماع القادمة من الغرب ولكنها يمكن ان تكبح جماح الاطماع التي لا تخف على احد والتي تجاهر بها حكومة يمينية متطرفة لا ترى سوى بناء دولة الكيان على كامل تراب فلسطين بعيدا عن كل مقررات الشرعية الدولية واجزم ان القوة الحقيقية للاردن في مواجهة الاطماع الصهيونية اليمينية المتطرفة لا تحتاج الى “مندل ” لنستدل عليها فهي واضحة تماما هي تلك الحدود المترامية الاطراف مع الكيان والتي ان فتحت ستكون بمثابة نار جهنم التي تأكل الاخضر واليابس في الجانب الصهيوني فثمة عطش قومي وديني عند الامة كلها لتقتص من العدو التاريخي للامة والذي لا يحفل باي شريعة ولا يستند الا لشريعة القوة .
ان فتح الحدود الاردنية بل حتى التلويح بفتحها سيضع حكومة الكيان امام معادلة قاسية اما البقاء كما اقرت الشرعية الدولية ضمن مفهوم الدولتين المتفق عليه عالميا وعربيا واما مواصلة الاستفزاز والتعصب والتلويح بغياب مستقبل الدولة الاردنية والخاسر الوحيد في ذلك هي دولة الكيان المحتل لانها لن تصمد طويلا امام الزحف المقدس والذي سيكون انذاك هو الموت القادم من الشرق بالنسبة لدولة الكيان المحتل .
وحين يقول الكاتب الاسرائيلي ” نداف شرغاي ” في مقاله امس بصحيفة (إسرائيل اليوم) “على نتنياهو وقيادته معالجة الخطوط الحمراء للأردن، التي صاغها الملك الخميس في خطاب له عن الأقصى، والذي حمل تهديدًا“، على الأردن أنْ يعي الآن أنّه لا توجد خطوط حمراء، وأنّ وصايته لم تعد مقدسة ” هذا الخطاب المتطرف على الاردن ان يستمع اليه جيدا وان يعيه وان يحضر نفسه لاي مواجهة قادمة ومن بديهيات التحضير المسارعة الى ترميم ما وهن من علاقة بين الناس ودولتهم ونظامهم فمن غير المعقول ان يحدق الخطر الخارجي بالدولة ونحن نصفي حسابات فيما بيننا وهي حسابات صغيرة حلها هين بالتوافق والمحبة وليس باستعراض القوى ففي دولتنا العزيزة لا اطراف متعددة لكن نسيج مجتمعي واحد متناغم يؤازر بعضه بعضا وان حدث بعض ما يعكر الصفو هنا او هناك فسرعان ما يحل بطريقة المجتمع الاردني الذي كان وما زال عاقلا وفكاكا للنشب في كل امور حياته مثلما ان الدولة قادرة على وأد كل مظاهر الاحتقان عبر التسامح الذي هو سمة اردنية جميلة قامت عليها الدولة ليس فقط في عصرها الحديث ولكن عبر تاريخها الطويل الممتد الى ستة الاف سنة في هذه الارض الطيبة التي منها خرج انبياء الكون كله .
الخطر حين ياتي ويحل لا يستثني احدا من شره ومن خطورته وللاردنيين تاريخ طويل من الصبر والجلد والقتال عن الارض والعرض والمال والوطن والامة فهي جينات متوارثة لن تخمد يوما مهما قست الظروف او تبدلت الحال وتغيرت التفاصيل ولا خطر الان يهددنا سوى ذاك الخطر القادم من الغرب الذي يحمل ريحا سموما يستهدف كياننا ونظامنا ودولتنا بل وتاريخنا كله الذي لن نركنه جانبا تحت اي ظرف .