التعديلات الدستورية

الدكتور عبدالمهدي القطامين
التعديلات الدستورية التي قدمتها الحكومة إلى مجلس النواب تضمنت تشكيل مجلس للأمن الوطني برئاسة الملك وكنت في مقال سابق قد دعوت الى تشكيل مثل هذا المجلس والذي اصبح وجوده ضرورة وطنية وليس ترفا او من باب لزوم ما يلزم وان قال البعض ان لدينا مجلس يدعى مجلس السياسات فأنني أقول انه مجلس لم يقدم جديدا بحكم تشكيلته الرسمية ولو قام ذاك المجلس بدوره الحقيقي لما وصلت الدولة الى ما وصلت اليه الان من تهالك في الكثير من المؤسسات والقطاعات .
يقول بعض القانونيين ان تشكيل هذا المجلس غير دستوري لأنه يقحم الملك في الشؤون التنفيذية وهذا القول ان بدا ظاهريا ودستوريا في مكانه الا ان لدي المزيد من التحفظات عليه ففعليا الملك هو رأس كل السلطات حتى وان كان فوق المساءلة دستوريا فان هناك مسؤولية تناط به كونه الملك الذي يقود ويشرف ويخطط عبر الحكومات التي يشكلها والتي تلتزم بتنفيذ ما يأتيها من توجيهات ملكية وهنا فان ذريعة عدم دستورية انشاء المجلس تبدو ضعيفة على ارض الواقع وفي مراحل التطبيق .
و يقول أستاذ القانون والنائب السابق د. مصلح الطراونه : إن وجود مجلس في الدستور يرأسه الملك يشكل عبثا في الدستور ونفاقا سياسيا واضحا، ويتناقض مع خطاب العرش، ويشكل مبررا للتغطية على فشل الحكومات واختبائها خلف عباءة الملك، بالإضافة إلى كون مثل تلك الخطوة تشكّل إقحاما غير مبرر للملك في العمل التنفيذي، وبما يتنافى مع حصانته الدستورية”.
وتبدو مقولة الطروانه منطقية من ناحية دستورية لكنها لا تشكل اقحاما كما أرى للملك ولا تترك مجالا للحكومات ان تختبئ خلف عباءته فحين يتم دسترة انشاء مجلس الامن الوطني فأنه آنذاك يكون ملزما للحكومات فيما يقدم ويراقب أداء تلك الحكومات ويقيم ويتخذ القرار المناسب في المجلس الذي يرأسه الملك والذي هو رأس السلطات الثلاث .
ولكن ومن جانب اخر كيف يمكن تشكيل مجلس الامن الوطني واذا ظلت عملية التشكيل تقليدية كما هو سائد في مجلس السياسات مثلا فأننا لن نصل الى المبتغى المطلوب من هذا المجلس وسيكون عقيما بلا جدوى فالمطلوب ان يضم المجلس ثقات مختصين وخبراء ليس في السياسة فقط وانما في التربية والصحة والثقافة والاعلام والتعليم والاقتصاد والامن والقانون فمن يعتقد ان امورنا في هذه القطاعات سمن على عسل فهو واهم فهناك الكثير من الثغرات والهنات هنا وهناك وينبغي تقييمها واصلاحها .
مع احترامي لكل الحكومات الأردنية المتعاقبة أقول انها عجزت عن التخطيط السليم للنهوض بالوطن والحال ينطبق أيضا على مجالس الامة التي غابت او غيبت عن دورها الرئيس في مراقبة الحكومات ومحاسبتها ولو كانت تقوم بدورها الحقيقي لما وصلنا الى متاهات شاملة عمت اغلب قطاعات الدولة وإذ ندرك تماما مثل هذا الواقع فأن تشكيل مجلس الامن الوطني دستوريا بات امرا ملحا ولا يمكن تأجيله الى اشعار آخر .