الاردن …. وخبز الشعير

الدكتور عبد المهدي القطامين
لم يكن الاردن في يوم من الايام بمنأى عن تقديم العون والمساعدة لكل الدول التي تتضرر جراء احداث طبيعية وزلازل وبراكين او جراء حروب اهلية او مجاعات فقد كان دائما باسطا يده لكل محتاج لكنه مع ذلك ظل كما رغيف خبز الشعير ماكول ومذموم متهم وبريء محسود وليس في ذلك من تفسير الا ما قاله المثل الشعبي “ليست رمانة بل قلوب مليانة “.
منذ ان دق زلزل تركيا وسورية اجراسه وضعت الاردن كافة اماكنياتها لمثل هذه الحوادث تحت تصرف الاشقاء في سورية والاصدقاء في تركيا بعيدا عن اية خلافات سياسية هنا او هناك والاردن يعرف ان الانسانية جزء لا يتجزأ من المشهد العالمي وان ما تفرقه السياسة تجمعه الحوادث والمصاعب والاحداث الموجعة وعلى الفور هبت الجهات الاردنية المعنية لتقديم العون للاهل في سورية وللاصدقاء في تركيا مثلما كانت تمد يدها عونا لكل البلدان التي اندلعت فيها الحروب او مسها عدوان كما في غزة التي ما زالت الاردن منذ عقدين من الزمن تنصب مستشفيات ميدانية هناك لتقديم الخدمة الصحية والطبية للمحتاجين الذين اكلتهم الحروب والاعتداءات المتتالية من دولة الاحتلال .
وحيثما اندلعت الحروب كانت الاردن السباقة عبر قوات حفظ السلام لتكون اول المساندين للقوى الاممية التي تحفظ الهدن وتدافع عن حق الشعوب في العيش الكريم بعيدا عن تاثيرات الحروب الشرسة التي تندلع في اماكن متفرقة من دول العالم حتى في كل الحروب التي خاضتها الامة مع دولة الاحتلال كانت الاردن اول دولة تدخل الحرب واخر دولة تخرج منها مقدمة الاف الشهداء دفاعا عن الحق العربي وحق الامة في ان يكون لها موقع تحت الشمس ومع كل هذا ظلت الاردن الحلقة الاضعف في معرض الثناء وان مرت سيرتها مرت عارضة على استحياء وهنا يبرز السؤال الاكبر لماذا يحدث مثل هذا ولماذا يتم في الكثير من الاحيان تجاهل ما يقدمه الاردن من مساندات لشعوب الارض المعذبة .
حتى في الهجرات والنزوح واللجوء المتتالي الذي عاشه الاردن عبر تاريخه الحديث والذي ارهق اقتصاد الدولة وزادها عناء فوق عناء وادى الى اختلال في النمو الاقتصادي واختلال في النمو السكاني لم يرافق ذلك اي تقدير او انعاش للوضع الاقتصادي المتاكل من قبل النظام العالمي الذي شرب الاردن دمه ولكنه ظل متفرجا على الاردن وهو يعد عصي الضغوطات التي تلفح اطرافه دون ان تهب تلك الدول الى نجدة الوطن الذي انجد الكل ولم يجد من ينجده وقت الشدة والضيق .
هل يظل الاردن ينشد كما انشد الفارس الذي تخلى عنه اهله وربعه فبات محموما يناجي ما مضى من ايام وليال طوال ….
اضاعوني واي فتى اضاعوا ليوم كريهة وسداد ثغر .