الشاشة الرئيسيةمقالات

مسؤولية الشركات المجتمعية …ومثالها البوتاس العربية

د.عبدالمهدي القطامين

اصبحت مسؤولية الشركات الاجتماعية في السنوات القليلة الماضية مبعث اهتمام متعاظم من جانب قطاع الأعمال على الصعد الدولية والإقليمية والمحلية، وقد عظمت الهوة المتزايدة ما بين أقطار الشمال الصناعي واقطار الجنوب الأكثر فقرا وبانسحاب الدولة في الجنوب من مفهوم الابوية والرعوية بات لزاما على القطاع الخاص الذي تولى القطاعات الانتاجية التركيز و الاهتمام بمسؤوليات الأعمال الاجتماعية.
وقد ساهم ايضا في نمو
المسؤولية الاجتماعية للشركات الضغوط التي مارستها جماعات الضغط المتنوعة مثل العاملين والمستهلكين وجماعات حماية البيئة والمنظمات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، ثم ان الشركات هي نتاج بيئتها التي تعمل فيها وان لم يكن لها دور مجتمعي فأن البيئة تصبح اكثر عدوانية للشركة وهذا ما يدفع بالشركات الى تخصيص الموارد للنهوض بالمجتمع الذي هو ميدان عملها لتصبح جزءا من نظام المواطنة الصالحة وشريكا في التنمية المستدامة.

وساروي تجربة واحدة واقعية عن اهمية الدعم المجتمعي للشركات قامت بها شركة البوتاس العربية اذ كنت في العام ١٩٩٣ مديرا لثقافة الطفيلة وقررت اصدار مجلة ثقافية تعنى بالادب والابداع وكان العائق المالي هو الوحيد امام ذلك القرار فكتبت رسالة الى مدير عام الشركة المهندس سليمان الهواري رحمه الله وارسلتها بالبريد وبعد شهر جاءني اتصال من الشركة لمراجعة المالية فوجدت شيكا بأسم المجلة مقداره ٣٠٠٠ دينار استطاع هذا المبلغ تغطية اصدار ٢٠ عددا من المجلة واذكر ان الصحفي فهد الخيطان وكان مغضوبا عليه وممنوع من العمل في الحكومة صمم لي عدة اعداد منها وطبعها بمراعاة خاصة في مكتب طباعة صغير يمتلكه يقع مقابل الجامعة الاردنية .
لم يكن وقتها لا نت ولا واتس فكنت اضطر الذهاب الى عمان من اجل العدد ثلاث مرات بواسطة سيارة فوكس فاجن موديل ال ٧٠ وعلى نفقتي الخاصة في المرة الاولى ادفع بالمادة للطباعة والاخراج وفي الثانية من اجل التدقيق اللغوي وفي الثالثة من اجل احضارها وتوزيعها .
استطاعت مجلة “عفرا” وهكذا كان اسمها ان تصنع فارقا خلال سني عمرها التي امتدت لست سنوات فقد احتضنت عددا من كتاب الطفيلة واذكر منهم الدكتور احمد عطية السعودي والمحامي والنائب الاسبق محمد الشروش والدكتور جميل القطاطشة والدكتور هشام القواسمه والدكتور سلطان الزغول ونضال الزغايبة والدكتورة ريم المرايات والدكتور خليل الرفوع وسعود الفراهيد وطلال العكايلة وعدنان عصفور ثم امتدت ليكتب فيها عدد من الكتاب من سورية والعراق والمغرب وتونس ومصر وهم من كبار الكتاب الان في بلدانهم .
ما اردت قوله ان المجلة لو لم تدعم من شركة البوتاس العربية لما رأت النور ابدا ولما احتضنت عددا من الكتاب في بداياتهم وذلك دليل على اهمية الدور المجتمعي للشركات واثره في تطوير المجتمع والمساهمة في حيويته .
اخيرا وتلك مفارقة درامية ان المجلة تم ايقافها من وزير ثقافة بحجة انني كتبت كرئيس تحرير لها مقالة تحدثت فيها عن مخاطر استهداف العراق من قبل الامريكان والعرب واثره المدمر على الامة فتنمر الوزير واوقف المجلة التي استطاعت ان تحرك شيئا في قطاع الثقافة الراكد.
ولكنني اعدت اصدارها مرة ثانية بعد رحيل الوزير واستمرت بالصدور حتى انتقلت من وزارة الثقافة عام ٢٠٠٣ بعد ان جاء وزير للثقافة لا يؤمن بالثقافة وامر باغلاق مديريات الثقافة في كافة محافظات المملكة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى