اقتصاددولي

صُراخ المُواطنين الخليجيين والإماراتيين تحديدًا من مخاطر التطبيع بدأ في الارتِفاع

الغواص نيوز

من أكثر “الفيديوهات” مُشاهدةً على وسائط التواصل الاجتماعي هذه الأيّام شريط “فيديو” لمُؤثّر خليجي بزيّه الرسمي يتحدّث بمرارةٍ نقلاً عن أصحاب فنادق في الإمارات عن سَرِقات السيّاح الإسرائيليين من فنادق مدينة دبي، ويقول بالحرف الواحد بالصوت والصورة: “إن فنادق دبي اشتكت رسميًّا إلى هيئة السياحة من تعاظم هذه السّرقات”، وأضاف “يسرقون علاّقات الملابس، والأكواب، والمعالق والشّوك، وفُرشاة تنظيف الملابس، وأجهزة الكيّ، والمناشف، وأرواب الحمّام، حتى غلّاية الشاي والقهوة في الغُرف”، ويختم حديثه بمُناشدة للشيخ محمد بن راشد، حاكم الإمارة للتدخّل ومُتسائلًا: “إنّ هؤلاء الذين سَرَقوا فِلسطين وخيراتها هل سيتردّدون في سَرِقَة فنادق دبي؟”.

هذا المُؤثّر الخليجي الذي يُعبّر عن آراء الغالبيّة العُظمى من نُظرائه في دول الخليج، ويرفضون كُل أشكال التطبيع مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي، ويُقدّم صُورةً مُناقضةً كُلِّيًّا للصّورة الأُخرى الرسميّة التي تُحاول سُلطات الحُكومات المُطبّعة، وتُوحِي بعكس ذلك، من حيث إظهار بعض “المُجنّدين” من قِبَل الحُكومة وهُم يتحرّكون بحُريّةٍ في شوارع تل أبيب ويُعانِقون الإسرائيليّين، أو يذهبون للصّلاة في المسجد الأقصى تحت حِماية بنادق قوّات الأمن الإسرائيليّة، للإيحاء بأنّ الشّعبين الإماراتي والبحريني يُؤيّدان اتّفاقات التّطبيع، ومُتيّمان بحُب المُستوطنين الإسرائيليّين.

وما يُعزّز روايته، المُؤثّر الخليجي المذكور آنفًا، أنّ صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيليّة واسعة الانتشار، استعانت بمقطعه عن سرقات الإسرائيليين من فنادق دبي، وترجمته للعبريّة، ونشرت تقريرًا مُطوّلًا استندت فيه إلى تغطيةٍ ميدانيّةٍ عن هذه السّرقات، رُغم مُرور أقل من شهر على بَدء رحَلات الطّيران المُباشِرة بين تل أبيب ومطار دبي.

روايات كثيرة جرى نشرها في عدّة دول أوروبيّة عن هذه السّرقات، وقِيام شركات فندقيّة مشهورة بإلغاء حُجوزات السيّاح الإسرائيليين تَجنُّبًا للمشاكل والسّرقات، حتى أنّ فنادق تركيّة كانت لا تسمح بالحافِلات المُغادرة إلى المطار بالانطِلاق إلا بعد تفتيش حقائب النّزلاء الإسرائيليين، واستِعادة جميع المسروقات.

ومن المُفارقات أنّ بنيامين نِتنياهو رئيس الوزراء الذي يُقدِّم نصائح لهؤلاء السيّاح بعدم السّرقة كان “قُدوةً” لهُم، عندما فضحته صحيفة أمريكيّة بجلب حقائب من غسيله القَذِر خلال رحلته إلى واشنطن لحُضور توقيع اتّفاقات السّلام بين إسرائيل وكُل من الإمارات والبحرين في البيت الأبيض، لتنظيفها على حِساب الدّولة المُضيفة.

ما نُريد أن نقوله، إنّ هذه السّرقات من الفنادق تُشَكِّل قمّة جبل الجليد التي تُخفِي تحتها مصائب كثيرة ستلحق بالحُكومات العربيّة المُطبّعة، ونحن نتحدّث هُنا عن المشاكل الأمنيّة والعسكريّة والأخلاقيّة، وخاصّةً انتِقال عِصابات “المافيا” وتهريب المخدّرات، وتدفّق بنات الهوى وحدانًا وزرافات، علاوةً على المشاكل السياسيّة الداخليّة النّاجمة عن رفض الشّعوب العربيّة الأصيلة لأيّ عُلاقات مع المُحتل الإسرائيلي ومُستَوطنيه.

وربّما يُفيد التّذكير بأنّ الشّهيد محمود المبحوح أحد كوادر حركة “حماس” جرى اغتِياله في أحد فنادق مدينة دبي قبل 12 عامًا، وهُناك معلومات تُؤكِّد أنّ أجهزة أمن إسرائيليّة زرعت عُملاءها فيها للتّجسّس على إيران، وربّما التّخطيط لاغتِيالات لعُلماءها ورجال أمنها وسِياسيّيها في المُستقبل، الأمر الذي قد يتَسبّب برُدود فِعل خاصّة إذا علمنا أنّ حجم التّبادل التّجاري بين إمارة دبي وإيران يزيد عن عشرة مِليارات دولار سنويًّا، وهُناك عشرات الآلاف من الإيرانيين يُقيمون ويَعملون في الإمارة.

حذّرنا في افتتاحيّات سابقة، نُشِرَت في هذا المكان من المُبالغة الرسميّة الإماراتيّة في التّطبيع مع دولة الاحتِلال وكسر كُل المُحرّمات في هذا المِضمار، ولكن يبدو أنّ هذه التّحذيرات، مِنّا أو من غيرنا، التي تَنطَلِق من الحِرص، لم تَجِد آذانًا صاغية.

صرخة هذا المُؤثّر الخليجي الصّادقة والمُعبّرة ربّما تكون البِداية، وقرع جرس الإنذار، والقادِم أعظم.

“رأي اليوم”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى