ضانا …..والضحى

ضانا …..والضحى
بقلم الدكتور عبدالمهدي القطامين
في الطريق المتعرج المفضي الى باحات مخيم الرمان في محمية ضانا تتملكك الدهشة والحافلة تتمايل يمنة ويسرة…والطريق المتعرج كالافعى تحف جوانبه اشجار الرتم التي راحت زهورها البيضاء تتضوع عطرا شذيا …ما ان تصل مخيم الرمان حتى يستقبلك مدير المخيم ….ابو معن…. مرحبا باشا عارضا خدمات المخيم بينما يبدو الاستنفار على وجوه الكادر المتأهب دوما لتقديم الخدمة بينما يقبل احدهم
حاملا ابريق الشاي الضخم
مناديا على زوار المخيم باكثر من لغة ان هلموا الى الشاي .
ثمة الكثير من التقاليد الخاصة بالمخيم فمن غير الجائز ان توقد النار الا في الموقد المخصص لذلك ومن غير الجائز ان يرتفع اصوات الزوار بعد العاشرة ليلا فمن حق الجميع ان يستمتع بالسكون الذي هو مطلبهم وحين يتحلق البعض حول النار المتوهجة مساء في باحة بيت الشعر يستمع المتابع الى حوارات بلغات متعددة ثمة من ينصت ويستمع وثمة من يصمت وثمة من يسترجع ذكريات زمن مضى.
في المساءات وفي هزيع الليل الاخير بينما يأوي الجميع الى خيامهم الخالية من اي انارة ثمة حوار ينطلق يتردد صداه بين الجبال المحيطة بالمخيم ذئاب تجوح تبحث عن زاد او عن ولف هاجر بعيدا او اردته رصاصة راعي دافع عن اثم الاعتداء على غنمه اما اذا تنفس الصبح او كاد تبدأ طيور الحجل او الشنار بالانتشار بحثا عن رزقها ترود اطراف المخيم بحثا عن فتات من الخبز او بقايا من ارز تمشي طيور الشنار على استحياء وحذر فقد اعتادت ممن يمشون على قدمين ان يواجهونها بالبارود وطلق الخرطوش الذي يرديها لتتحول الى لحم شهي على الجمر الذي يكون جاهزا لاستقباله فيما يكون الصياد منتشيا فرحا بظفره وصيده .
وللبدن الماعز الجبلي قصة اخرى في ضانا ففي الاودية السحيقة وجد له مستقرا بعيدا عن بنادق الصياديين وجنونهم المفرط بحثا عن صيده وقد احسنت الجمعية الملكية لحماية ااطبيعة في حمايتها للبدن ومنعت انقراضه بعد ان تعرض لصيد جائر في العقود الماضية ورغم ان عقوبة صيد البدن تجاوزت الف دينار مع مصادرة السلاح المستخدم للصيد الا ان البعض ما زال يمارس هوايته الخارجة على القانون ليغتال البدن في اطراف المحمية .
حين ينهي زوار المخيم افطارهم تبدأ رحلة المسير في مسارات خصصت لهذه الغاية …رجال ونساء واطفال ينتشرون في الجبال المحيطة بالمخيم وفق مسارات آمنة للجميع ويستمر المسير لاكثر من عدة ساعات لمن يقدر ومن لم يستطع اكتفى بمسير ساعة او اقل ثم يعود ادراجه .
جبال شاهقة وتلال ووديان تشكل تضاريس ضانا الطبيعية ما جعلها تحمل معالم متباينة التركيب تغوي عشاق السكون تناديهم ليأتوا وتحملهم دهشة المكان الذي صنعه الخالق وابدع صنعه.
زيارة واحدة الى ضانا ترسم في الاعماق صورة لا تنس لمكان اردني مفعم بالندى موغل في العشق يزهو بكبرياء الاردن الذي ظل سيفه ما نبا واهله اهل طيب لم تطوه الايام .