الشاشة الرئيسيةمنوعات

تجدد الجدل حول صلاحيات الحكام الإداريين

الغواص نيوز
أعاد خبر إيعاز وزير الداخلية قبل أيام للحكام الإداريين بالإفراج عن 503 موقوفين إداريّاً بالتزامن مع اقتراب عيد الأضحى، تجديد الدعوات لإلغاء أو تعديل قانون منع الجرائم الذي يعطي الحكّام الإداريين صلاحيّات واسعة من شأنها أن تمس بالحريات العامّة وحقوق الإنسان، وتتعارض مع مبادئ الدولة المدنيّة بما فيها الفصل بين السلطات، واستقلال القضاء.

وأكد هؤلاء على ضرورة إجراء تعديلات في مواد القانون، والترشيد في استخدامه، للوصول الى إلغائه، خصوصاً وأنّ هذا القانون جاء في ظروف اجتماعيّة وتاريخيّة مختلفة ومرّ عليها أكثر من 68 عاماً.

ودعا البعض إلى ضرورة عمل دراسة تقييمية لهؤلاء الذين تمّ الإفراج عنهم، لمعرفة ما إذا كان التوقيف الاداري ساهم في إعادة تأهيليهم نفسيا واجتماعيّا أم لا، وما إذا كان هذا التوقيف ينسجم مع فلسفة الإصلاح أم لا؟
القاضي ومستشار ديوان الرأي والتشريع سابقاً د. محمود العبانبة اعتبر هذا القرار خطوة إيجابيّة قائلا بأنّ “أي قرار يؤدي الى الإفراج عن المحتجزين هو قرار إيجابي”، خصوصا وأنّ الموقوفين اداريا هم في الأصل غير محكومين وتمّ احتجاز حرياتهم لمخالفات أو اشتباه بارتكاب جرائم وغير ذلك.
وأوضح العبابنة أنّ احتجاز هؤلاء أصلا كان بالاعتماد على قانون منع الجرائم وهو قانون لا بد من السير نحو إلغائه أو تعديله بشكل جوهري، خصوصا وأنّه يمس الحريّات العامة وحقوق الانسان، ويعطي الحكام الإداريين صلاحيات مفتوحة لا قيد عليها سوى فطنة وضمير وعاطفة هذا الحاكم غير المعصوم عن خطأ التقدير والحكم.
وذكر العبانبة أنه لا بد من التوجه إلى بدائل عن التوقيف الإداري كـ”دفع الكفالات” أو استخدام “الوسائل الحديثة” مثل الأسوارة الالكترونيّة وغيرها.
وكان أشار إلى أن قانون منع الجرائم قانون مرحلي أملته ظروف اجتماعية وتاريخية، واستنفد الغرض الرئيس منه بتطور المجتمع ونضوج فكرة الدولة المدنية ودولة القانون والدستور، وبالتالي فإنه من الضرورة أن يتم إلغاؤه أو تعديله بشكل جوهري.
وبيّن أنّ هذا القانون يعطي الحاكم الإداري، ولأسباب يراها أو يقتنع بها شخصيّا، حق الاحتجاز والتوقيف وفرض الإقامة الجبرية على أي شخص وجد في مكان عام أو خاص بعد عجزه عن تقديم كفالة الحاكم الإداري التي قد تبلغ عشرات الآلاف، بالإضافة إلى ذلك فهو يقوم بالإشراف على إجلاء عشرات المواطنين من منازلهم في جرائم القتل والعرض، خلافاً للدستور ومبادئ حقوق الإنسان.
وأكد أن صلاحيات الحاكم الإداري مفتوحة ولا قيد عليها سوى فطنة وضمير وعاطفة هذا الحاكم غير المعصوم عن خطأ التقدير والحكم، فالقانون يعوم على عبارات مبهمة وتقديـرية، على غرار “إذا امتنع المتصرف”، و”يجوز للمتصرف”، و”إذا كان لديه ما يحمله على الاعتقاد”، و”إذا ارتأى المتصرف”، معتبرا أن هذا مخالف “لمنطق التشريع القانوني وأساسه الصحيح في الدولة المدنية التي يحكمها القانون”.
أما أستاذ القانون العام المشارك في جامعة البترا الدكتور علي الدبّاس فقال إن قرار وزير الداخلية بالايعاز بالإفراج عن الموقوفين الإداريين لهو “دليل على وجود إشكالية في قانون منع الجرائم”، والذي يتضمن مصطلحات تتيح للحكام الإداريين صلاحيات واسعة.
ودعا الدباس إلى ضرورة إعادة النظر ومراجعة قانون منع الجرائم، وتحديد وحصر الحالات التي يتم فيها التوقيف الإداري، وتعديله بما يتواءم مع المادة 7 من الدستور، مؤكدا ضرورة وضع قيود على صلاحيات الحكام الإداريين المذكورة في القانون وتحديدها في أضيق الحدود.
وأشار إلى أنّ هذا القانون الذي يمس بالحريات العامة، جاء في ظروف اجتماعيّة وتاريخيّة مختلفة ومرّ عليه أكثر من 68 عاماً، وعليه لا بدّ من اعادة النظر فيه.
من جهته، قال مدير المشاريع في المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي محمد شبانة إنّ “التوقيف الإداري” يجب ألا يكون مطبقا لأنّه يمس بالحريات العامة.
ودعا شبانة إلى ضرورة إعادة النظر وعمل مراجعات دائما لأوضاع الموقوفين اداريا وقضائيا، مشيرا إلى أنّ العالم يتجه حاليّا الى التقليل من استخدام العقوبات السالبة للحريّة مقابل عقوبات لا يكون لها تأثير اقتصادي أو اجتماعي على المحكوم عليهم، وبشكل لا يؤثر على حقوق المواطنين.
وركز على ضرورة خضوع الموقوفين إداريا لبرامج اصلاحيّة تعيد تأهيلهم نفسيا واجتماعيا، وتضمن عودتهم الى المجتمع بشكل وبصورة ايجابيّة على المجتمع، داعيا الى ضرورة عمل دراسة تقييميّة لمثل هذؤلاء الذين تم الإفراج عنهم لمعرفة ما إذا كان لتوقيفهم أثر ايجابي عليهم وعلى المجتمع أم العكس، معرفة ما إذا كان التوقيف الاداري ينسجم مع “فلسفة الإصلاح والتأهيل أم لا”.
يأتي هذا في الوقت الذي كانت فيه المحكمة الدستوريّة أصدرت حكماً بدستورية مواد في قانون منع الجرائم رقم (7) لسنة 1954، وذلك في ردّها على طعن بعدم دستوريّة موادّ في القانون، حيث جاء حكم المحكمة برد الطعن للدفع بعدم دستورية الفقرة 3 من المادة 3، والفقرة 2 من المادة 5، والمادة 8 من قانون منع الجرائم بداعي مخالفتها لأحكام المواد (8، 27، 101، 102، 103، 128) من الدستور.
وجاء هذا القرار في الوقت الذي كانت فيه المحكمة الدستوريّة في فلسطين أصدرت بداية العام حكماً معاكساً تماماً يقضي بـ”عدم دستورية” بعض أحكام قانون منع الجرائم الأردني (وتحديدا المواد 4 حتى 8 منه)، والذي بقي معمولا به في فلسطين بعد قرار فك الارتباط القانوني والإداري بين الطرفين عام 1988، حيث اعتبرت القانون متعارضا مع مجموعة من الحقوق والحريات التي يضمنها القانون الأساسي الفلسطيني. الغد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى