136 عملية إرهابية في الأردن خلال قرن

أظهر تقرير مؤشر الإرهاب في الأردن خلال 100 عام، تعامل الأردن منذ تأسيسه العام 1921 وحتى العام المنصرم، مع (136) عملية إرهابية، نتج عنها ما مجموعه (171) حالة وفاة، و(341) جريحاً، فيما صنف التقرير الأردن ضمن الدول “متوسطة الأمن”، حيث جاء في الترتيب 63 من أصل 163 دولة في العالم على “مؤشر السلم العالمي” للعام 2021.
وقال التقرير الصادر عن “مركز شرفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب”، إنه “بالرغم من عدم وقوع أي عملية إرهابية فعلية العام 2021، إلاّ أن إحباط دائرة المخابرات لعمليتين إرهابيتين في إربد وغور الصافي بداية العام، يثبت صحة هذا المعدل الذي توصل إليه (مؤشر الإرهاب في الأردن) (JTI) من خلال تحليل السلاسل الزمنية لظاهرة الإرهاب في الاردن خلال الفترة من 1921-2021”.
وحسب التقرير فإنه منذ العام 2011، وللسنة الثانية على التوالي، لم يشهد الأردن أي عملية إرهابية فعلّية، أو ضد المصالح الأردنية في الخارج، فيما بلغ عدد العمليات الإرهابية المحبطة لتنظيم داعش العام 2021، عمليتين، حيث نجحت دائرة المخابرات العامة بإحباط العملية الأولى في شهر شباط 2021، وأعلن عنها في وسائل الإعلام بتاريخ 27-7-2021.
وكانت العملية لخلية من تنظيم داعش تتكون من 4 أعضاء تستهدف مهاجمة حرس الحدود الأردنيين والإسرائيليين بالأسلحة الخفيفة في منطقة غور الصافي في الأغوار الأردنية.
في حين تم إحباط العملية الثانية خلال الفترة من 3 إلى 10 آذار (مارس) 2021، وتم الإعلان عنها في وسائل الإعلام بتاريخ 6 أيلول (سبتمبر)2021، وكانت لخلية تتكون من 3 أعضاء كانت تستهدف مهاجمة مبنى مخابرات إربد بالأسلحة الخفيفة.
ويتابع التقرير أنه في العام 2021 شهد ضعف تنظيم “داعش” على وجه الخصوص، حيث أكدت دائرة المخابرات العامة الأردنية أن أعداد المنتمين للتنظيم انخفضت من 1250 عنصرا عند بداية الصراع في سورية 2011، ولم تعد تتجاوز 750 عنصراً العام 2021، نتيجة عودة البعض منهم إلى الأردن، ومقتل الآخرين في ساحات القتال.
وشهد الأردن، وفق التقرير، تهديدات إرهابية كبيرة ومؤثرة منذ تأسيسه العام 1921، وعلى الرغم من أن “اغتيال الملك عبد الله بن الحسين المؤسس العام 1951 كان بمثابة أول عملية إرهابية كبرى في تاريخ البلاد، إلا أن المعلومات الاستخباراتية حول اغتيال الملك والعنف السياسي فيما بعد؛ أشارت إلى استمرارية وجود نشاط إرهابي في الأردن منذ تأسيس الدولة. ومنذ ذلك الحين، فالأردن يتخلص من التهديدات الإرهابية لفترات وجيزة ومتقطعة”.
وكانت أشكال وأنواع وأساليب الإرهاب في الأردن تتغير خلال الـ 100 عام الماضية، وتتطور بشكلٍ متواز لتطور سيرورة العولمة، خاصة آلياتها التكنولوجية المتجسدة في استخدام شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
وحسب التقرير فإن “الاغتيالات” هي من أساليب الإرهاب التي اتبعت في الاردن، وشهدت المملكة خلال الـ100 عام 16 عملية، أولها بتاريخ 17 تموز (يوليو) 1951، تمثلت باغتيال رئيس وزراء لبنان رياض الصلح عبر استخدام أسلوب الأسلحة الخفيفة الفردية، بإطلاق النار عليه في سيارته بينما كان في طريقه إلى مطار ماركا في شمال شرق العاصمة الأردنية عمان، عائدا إلى بيروت بعد زيارة قام بها إلى عمّان.
ونفذ الاغتيال ثلاثة من أعضاء الحزب القومي السوري الاجتماعي، أحدهم كان برتبة وكيل في الجيش الأردني يُدعى محمد أديب الصلاح، انتقاماً لإعدام زعيم الحزب أنطون سعادة حسب الكثير من الروايات.
رهائن وتفجيرات وخطف طائرات
شهد الأردن أيضا 10 عمليات خطف رهائن خلال الفترة السابقة ذاتها، حيث نشط هذا الأسلوب خلال فترة السبعينيات، ثم آخرها في 18 ديسمبر (كانون الأول) 2016 عندما هاجم تنظيم داعش المركز الأمني في مدينة الكرك، واحتجز رهائن في قلعة الكرك الأثرية في جنوب الأردن.
وبالنسبة للتفجيرات، شهدت المملكة خلال المئوية الأولى من عمرها (13) عملية تفجير، كان أولها وأهمها تفجير مبنى رئاسة الوزراء بتاريخ 2-8-1960، وهي أول عملية إرهابية تستهدف المسؤولين الأردنيين باستخدام أسلوب التفجير.
وأسفرت العملية الإرهابية عن وفاة رئيس وزراء الأردن آنذاك هزاع المجالي، بالإضافة الى 11 شخصا من أبرزهم وكيل وزارة الخارجية الأردنية زهاء الدين الحمود، وعاصم التاجي / وكيل السياحة، والنقيب ممدوح سعيد اسحاقات / المرافق العسكري للمجالي، وجرح 41 شخصاً، وتم القاء القبض على المتهمين في العملية وأعدم 4 منهم.
وتعرض الأردن خلال الفترة بين 1968-1977م لما مجموعه 29 محاولة إرهابية لخطف طائرات، كما تعامل مع 7 عمليات “إطلاق صواريخ وتبادل إطلاق نار”، بالاضافة الى تعامله مع 6 عمليات “ذئاب منفردة”.
وبحسب التقرير، فإن الأجهزة الامنية تمكنت من إفشال 41 عملية إرهابية، بحسب ما أعلن في وسائل الإعلام، والتي كان آخرها التخطيط لمهاجمة مبنى مخابرات اربد، التي أميط اللثام عنها في وسائل الإعلام بتاريخ 6 ايلول (سبتمبر) 2021.
اتجاهات جديدة
ويتحدث التقرير عن “أحداث واتجاهات جديدة” في مؤشر الارهاب من بينها، أنّ غياب حرية نقل المعلومات وقواعد البيانات التي تقوم عليها مؤشرات الإرهاب له مفعول سلبي مباشر على الإحصائيات الخاصة بظاهرة الإرهاب، ويعقّد من تحليلها ومصداقيتها العلمّية، خاصة إذا كان احتكار وحجب المعلومات ليس له سند قانوني، أو ما يبرره على مستوى الأمن الوطني.
كما إنّ قواعد البيانات التي تقوم عليها مؤشرات الإرهاب ودراسة الاتجاهات المستقبلية بشكلٍ عام منظمة على أسس توفر الشفافية، وحرية الوصول الى المعلومات والبيانات من المصادر الأولية (المتوفرة لدى الأجهزة الأمنية ومحكمة أمن الدولة). وهذا ليس متوفراً للأسف في الأردن حتى الآن بحجة “سرية المعلومات”.
وساعدت جائحة كورونا في الحدِ من انتشار الإرهاب العالمي بشكلٍ عام؛ لكن العمليات الإرهابية أو التخطيط لها لم يتوقفا في الاردن رغم الإجراءات الأمنية المشددة، وتطبيق أقسى درجات “الأمننة”(securitization ) في البلاد منذ بداية جائحة كورونا، وهذا ما دلت عليه العمليات الإرهابية التي أحبطتها دائرة المخابرات في الأغوار الأردنية، واربد.
وفيما يتعلق بنوعية الأهداف، أظهرت المؤشرات أن الاستهداف موجه لكوادر الأجهزة الأمنية (الأمن العام، والمخابرات) والقوات المسلحة، وهذا الاتجاه تعمق العام 2021 من خلال نتائج التحقيق في عمليات الأغوار وإربد، ويتوقع أن يزيد في المستقبل.
كما تم استهداف جنود حرس الحدود الإسرائيليين في منطقة الأغوار الأردنية من قبل تنظيم داعش لأول مرة من خلال الأردن، ورغم أن إسرائيل هدف مركزي لدعاية داعش؛ لكن يبدو أن أعضاء الخلية الذين حاولوا تنفيذ العملية تصرفوا وخططوا لوحدهم دون توجيه مركزي من التنظيم.
وعلى صعيد وسائل التجنيد، فما زالت وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة هي الأسلوب الأول للدعاية وتجنيد الأعضاء والمؤيدين لتنظيم داعش في الأردن، وهذا ما دلت عليه التحقيقات في العمليات المحبطة في الأغوار واربد.
كما ان “مراكز الإصلاح والتأهيل لا تزال تُفرخ الارهابيين، وهذا ما دلت عليه التحقيقات في العمليات المحبطة في الأغوار واربد، فقد تم التجنيد والتخطيط للعمليتين في المراكز، ثم بعد الإفراج عن المتهمين، وهو ما قد يثير الأسئلة حول جدوى برامج الإصلاح والتأهيل وإعادة الإدماج والرعاية اللاحقة.
كذلك تلاشى الاهتمام بالاستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف العنيف والارهاب في الاردن التي صدرت العام 2014، وفي الوقت الذي طال التحديث والتغيير معظم البنى السياسية والاقتصادية للدولة خلال العام 2021 لم نشهد أي اهتمام بتطوير أو تحديث لهذه الاستراتيجية.
وأدرجت مجموعة العمل المالي الدولية (The Financial Action Task Force FATF) بتاريخ 21 تشرين الأول (اكتوبر) 2021 الأردن في القوائم الرمادية، على خلفية “إخفاقه في التصدي لغسل الأموال وتمويل الإرهاب”، حيث تأسست هذه المجموعة باعتبارها هيئة حكومية دولية في باريس العام 1989، ومهمتها إعداد وتطوير السياسات التي تتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب محليا ودوليا، وتشارك فيها الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
ونظراً لأهمية مكافحة تمويل الإرهاب، قامت الحكومة الأردنية بالاستجابة سريعاً لهذا الخلل بهدف تلبية شروط الالتزام الفني بالمعايير الدولية التي أشارت لها FATF، بالإضافة إلى توسيع نطاق الفئات المشمولة بأحكام القانون، فقامت بإصدار قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم 20 لسنة 2021، في الجريدة الرسمية الخميس، 16 أيلول (سبتمبر) 2021، حيث دخل العمل به حيز التنفيذ.
ومن شأن هذا الأمر الذي أن يعزز من قدرات الأردن في مكافحة الإرهاب وعمليات التمويل، والتعاون مع بقية المؤسسات العالمية المعنية بمكافحة الإرهاب وتمويله.