اقتصادالشاشة الرئيسية

غول التضخم وتراجع القوة الشرائية يضربان دولا عربية عدة من المحيط إلى الخليج… والفيدرالي في معضلة حقيقية ما بين الاستمرار في رفع الفائدة أو الإبقاء عليها

الغواص نيوز

التقارير الإخبارية التي تستمع إليها يوميًا مليئة بمصطلحات مثل التضخم وانخفاض القوة الشرائية لعملات الاقتصادات الناشئة. أنت تعيش في بلد عربي، وتحديداً مصر أو لبنان أو اليمن، لم يتغير راتبك بشكل كبير، لكن تكلفة المعيشة لك ولعائلتك آخذة في الارتفاع، ولا تعرف السبب. دعونا نشرح ما يحدث من حولنا.

تأثر الدول العربية في ارتفاع التضخم
لنبدأ بمصر. بعد شهور من استقرار العملة، بدأ الجنيه المصري في التراجع السريع مقابل الدولار الأمريكي، والسبب هو الاعتماد على “الأموال الساخنة”، والأموال الساخنة هي الأموال التي تتبع نهجًا استثماريًا يُعرف باسم بـ”تجارة الفائدة” أو “Carry Trade”.. لتبسيط الأمر بالنسبة لك، فإن المتداول المحمول هو المستثمر الذي يحصل على الدولار بسعر فائدة منخفض من البنوك ويستثمر هذا الدولار في الأسواق التي ترتفع فيها أسعار الفائدة، وبالتالي فإن ربحه سيكون هو الفرق في أسعار الفائدة.
أسعار الفائدة الحقيقية في مصر قبل أن يبدأ الفيدرالي (المركزي الأميركي) في تشديد سياسته كانت من بين الأعلى في العالم.
تسبب رفع أسعار الفائدة الأمريكية في موجة من التدفقات النقدية الساخنة من الأسواق الناشئة، بما في ذلك مصر، التي اعتمدت على هذا الاستثمار لتلبية احتياجاتها الدولارية في بلد يستورد معظم احتياجاته من الخارج.
سمح البنك المركزي للجنيه بالانتقال أكثر من مرة إلى المستويات الحالية عند حوالي 30 جنيها، لكن بيوت الأبحاث العالمية تعتقد أن الجنيه لا يزال مبالغا فيه، مثل كابيتال إيكونوميكس، التي تتوقع أن تنخفض العملة المصرية بنحو 15٪ مقابل الدولار. بحلول نهاية هذا العام.
إن تآكل القوة الشرائية للجنيه بسبب انخفاضه أمام الدولار يعني انخفاض كمية السلع التي يمكن الحصول عليها مقابل مبلغ معين من المال، وهذا يضغط على قطاع عريض من المصريين ويبرز خطورة الاعتماد على الأموال الساخنة.
ومن القاهرة إلى بيروت، يبدو الوضع في سويسرا الشرق أكثر سوء مع نزيف لا يتوقف لليرة اللبنانية في مواجهة الدولار القوي.
حيث تعيش لبنان حالياً أزمة مالية واقتصادية خانقة، حيث تواجه الليرة اللبنانية نزيفاً لا يتوقف في قيمتها مقابل الدولار الأمريكي القوي، وبسبب هذا الانهيار الكبير في سعر الصرف، فإن التضخم في لبنان أصبح من بين الأعلى عالمياً، حيث يعاني الناس في لبنان من ارتفاع جنوني في أسعار الغذاء والمواد الأساسية.
يشير تقرير البنك الدولي إلى أن التضخم في لبنان بشكل أساسي يرتبط بانهيار الليرة، حيث كانت تعادل 1500 للدولار الأمريكي قبل الأزمة، ولكن الآن دولار واحد يعادل 14979.94 ليرة لبنانية.
ويصف التقرير الحالي للبنك الدولي الوضع في لبنان بأنه الأسوأ خلال المائة عام الماضية، حيث يواجه نحو 19٪ من سكان البلاد نوعاً من نقص الغذاء.
ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، يعيش نحو 40٪ من اللبنانيين في فقر مدقع، فيما يواجه 80٪ منهم فقراً متعدد الأوجه.
وتشير المؤشرات إلى أن الوضع لا يزال يتدهور في لبنان، حيث يواجه البلد صعوبة في توفير الطعام والخدمات الأساسية للمواطنين، مما يزيد من المعاناة والأزمات الاجتماعية والاقتصادية، وفي ظل هذه الأوضاع الصعبة، يعمل الكثيرون في لبنان على إيجاد حلول لتحسين الوضع الحالي وتعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.
ومن بيروت إلى اليمن غير السعيد، تعاني اليمن من وضع اقتصادي صعب، حيث ارتفعت أسعار الغذاء بنحو 43٪ بسبب تداعيات الحرب الدائرة في البلاد.
ويحذر البنك الدولي من أن اليمن يواجه خطر المجاعة، حيث تصنف البلاد ضمن قائمة تضم سبع دول تواجه أزمة غذائية حادة، وذلك بسبب تراجع قيمة عملتها وتفاقم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
وفي ظل هذا الوضع الصعب، يعتبر اليمن من بين أفقر البلدان في العالم، حيث يعيش نحو 80٪ من سكانها تحت خط الفقر، كما تعاني البلاد من انخفاض حاد في الناتج المحلي الإجمالي وزيادة في معدلات البطالة والفقر.
ويشير خبراء اقتصاديون إلى أن الحرب الدائرة في اليمن منذ سنوات تسببت في تدمير البنية التحتية والمنشآت الحيوية للاقتصاد اليمني، مما أدى إلى تدهور كبير في الوضع الاقتصادي والاجتماعي والإنساني في البلاد.
استمرار رفع الفيدرالي الأمريكي الفائدة
تتصدر قرارات الفيدرالي الأميركي عناوين الأخبار العالمية، حيث يحدد هذا البنك المركزي سياسته النقدية ويتخذ القرارات التي تؤثر على اقتصاد الولايات المتحدة وعلى الاقتصاد العالمي بشكل عام.
ومنذ العام الماضي، رفع الفيدرالي أسعار الفائدة تسع مرات، في محاولة لمواجهة التضخم المرتفع وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
على الرغم من أن رفع الفائدة يعتبر إيجابيًا للاقتصاد الأميركي، إلا أنه يؤثر سلبًا على أسواق الأسهم، حيث يؤثر ارتفاع أسعار الفائدة بشكل سلبي على شركات القروض والشركات المالية، مما يؤدي إلى تقليل فرص الاستثمار وتأثير سلبي على سوق الأسهم. وبالتالي، فإن قرارات الفيدرالي الأميركي تترقب بشغف من قبل المستثمرين والمحللين في جميع أنحاء العالم.
وهناك توقعات تلوح بالأفق برفع الفائدة مجددًا، وأصوات أخرى تتوقع أن يتوقف الفيدرالي عن رفع الفائدة في هذا الاجتماع، ويقرر الحفاظ على الأسعار في حالة استقرار، وهذا سيؤثر بشكل إيجابي على أسواق الأسهم ويزيد فرص الاستثمار فيها، لكن إذا تم رفع الفائدة، فمن المرجح أن يتأثر السوق سلبًا ويتراجع بشكل ملحوظ.
بصفة عامة، فإن قرارات الفيدرالي الأميركي تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي، وتشكل تحديًا أمام المستثمرين والمحللين.
الخلاصة هنا… لسنا بمعزل عما يحدث بالخارج وربما تطلب الأمر المزيد من الجهود لصناع السياسة النقدية لضمان الحفاظ على قوة العملة الشرائية وتقليل الاعتماد على الاستيراد والاهتمام بالصناعات المحلية.
استقرار أسعار الصرف ضرورة ملحة لكثير من البلدان العربية في مواجهة غموض لموقف الفيدرالي وحالة من عدم اليقين بشأن الاقتصاد العالمي.
راي اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى