الشاشة الرئيسيةفكر وثقافة

إقامة مهرجان جرش: كيف نوازن بين الاحتفال وحماية الصحة؟

منذ لحظة الإعلان عن انطلاق مهرجان جرش للثقافة والفنون نهاية أيلول المقبل وسط “تذبذب وتباين” ما يزال قائما في المنحنى الوبائي؛ والمجتمع الأردني يشهد حالة من الجدل والاستغراب عن الغاية وراء إقامة المهرجان بهذا الوقت تحديدا، تزامنا مع ازدياد بأعداد اصابات كورونا وصعودها مجددا.
هذا الجدل والتساؤلات التي يطرحها مواطنون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يأتي بعد أن أعلنت وزارة الثقافة النية عن تنظيم فعاليات مهرجان جرش لهذا العام، وفق”بروتوكول صحي سيتم إقراره من قبل لجنة الأوبئة ليتناسب مع الوضع الوبائي مع وجود تقييم مستمر وأسبوعي إلى حين إصدار الحكومة قرارها بالفتح الشامل في أيلول المقبل”.
ويتساءل العديدون عن الكيفية التي يتم فيها إعلان إقامة المهرجان في الثلث الأخير من شهر ايلول المقبل، في الوقت الذي تبدأ فيه القطاعات بالعودة للعمل، ضمن خطة الحكومة لإدارة عجلة الاقتصاد، كما في العودة للتعليم الوجاهي في المدارس والجامعات، والكثير من التساؤلات التي تنضوي تحتها علامات استفهام عن “كيفية التنظيم، وما هو البروتوكول المناسب لذلك، وهل يعتبر المهرجان أولوية في ظل الوضع الوبائي الحالي، أم المراهنة على اقامته ستكون معقودة على وعي المواطنين والالتزام بالإجراءات الوقائية.
وكان المدير العام لمهرجان جرش أيمن سماوي قد أعلن منذ أيام عن إقامة فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون في دورته الـ35 نهاية شهر أيلول المقبل، مشيراً إلى أن الأمر تم إقراره بالتزامن مع استمرار استقرار الوضع الوبائي في الأردن، وستكون الفعاليات بمشاركات محلية وعربية دولية كالمعتاد، والاستعدادات الآن قائمة لتلك الفعاليات، وان الطاقة الاستيعابية للمسرح في المهرجان ستكون وفق الوضع الوبائي بعد مناقشتها مع اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية.
وفي الوقت الذي صرح فيه سماوي أن هذا المهرجان “سيعيد الفرح والبسمة لكل أهلنا وشعبنا وزوار الأردن”؛ يرى طبيب المجتمع والصحة العامة اختصاصي الوبائيات الدكتور عبد الرحمن المعاني أن الحكومة والجهات المعنية بمتابعة الوضع الوبائي في المملكة “عليها ان تكون أكثر حرصاً وتقييداً لإقامة مثل هذه الفعاليات التي تستلزم حضور الآلاف”، في حين أن هذه الأعداد الكبيرة المتواجدة في مكان واحد قد تكون سبباً في حدوث “انتكاسة” كبيرة وارتفاع النسبة الإيجابية للإصابات.
ويؤكد المعاني في تصريح خاص لـ”الغد” انه من الصعوبة بمكان أن يتم تطبيق بروتوكول وقائي وصحي مثالي في مثل هذه الحالات، والتي قد تتواجد فيها عائلات عديدة في مكان واحد ومن عدة محافظات، مع احتمالية وجود زوار من خارج المملكة لحضور الفعاليات، لافتا إلى أن هذا قد يكون سببا رئيسيا في نقل العدوى وتوزيعها على عدة مناطق جغرافية في ذات الوقت، وبالتأكيد من شأنه أن يسبب “ظهور بؤر جديدة ستكون سبباً كذلك في عودة الوضع الوبائي إلى المربع الأول”.
ويعتقد المعاني أن الوضع الحالي يشهد تذبذبا في زيادة الأعداد والنسب الإيجابية للحالات، وهذا يجعلنا في حالة “قلق” وضرورة التأني وأخد الحيطة والحذر في الإجراءات الوقائية، التي يجب فرضها على المواطنين لاستمرار السيطرة على الوضع الوبائي، و”نلحظ أن الحكومة تناشد المواطنين بضرورة توخي تلك الإجراءات، فيما يتم الطلب منهم في ذات الوقت ان يكونوا مشاركين ومتابعين لفعاليات المهرجان”، وذلك في ظل وضع وبائي “من المبكر جداً أن نحكم عليه بأنه وضع مستقر بشكل كامل”.
ووفق المعاني، فإن المبرر لتأخير أو إلغاء إقامة المهرجان في هذا الوقت هو أن تكون الأولوية للقطاعات التجارية الأخرى التي يحتاج العاملون فيها إلى إتاحة المجال لهم لممارسة أعمالهم بعد توقف ما يقارب العامين بسبب جائحة كورونا، كما في أحقية العودة للتعليم الوجاهي للطلبة، والذي يُعد من أكثر القطاعات التي تتأثر بشكل سلبي مع بداية عودة المنحنى الوبائي بالارتفاع.
ويناشد المعاني جميع الجهات المختصة والجهات الأهلية والرسمية أن تطالب “بوقف إقامة المهرجان في وقته المقرر، لما يشكله من مخاطر صحية واضحة”، وأن يتم الاكتفاء بالسياحة الداخلية بعيدا عن التجمعات، بحيث يتم تشجيع السياحة قدر المستطاع من دون تواجد أعداد كبيرة في ذات الموقع، إذ إن منع إقامة المهرجان يُعد أولوية كما في منع إقامة الحفلات بالمناسبات الاجتماعية التي قد لا يتجاوز فيها عدد الحضور عن مائة شخص تقريباً.
وفي ذات السياق، يدعو المعاني إلى ضرورة أن تشدد الجهات الرقابية على مدى التزام المواطنين بالإجراءات الوقائية وعدم التراخي في تطبيقها، حتى يبقى الوضع الوبائي تحت السيطرة، والدعوة إلى زيادة أعداد الحاصلين على اللقاح، من أجل توفير أكبر قدر ممكن من المناعة المجتمعية التي نسعى إليها من أجل صيف آمن، وخريف مقبل آمن تستمر فيه الحياة الطبيعية إلى حد ما.
وأكد مدير المتابعة والتنسيق في المهرجان خالد الصبيحات لـ”الغد” أمس أن المدير العام لمهرجان جرش أيمن سماوي أشار إلى احتمالية تنظيم مؤتمر صحفي خلال الاسبوع المقبل للحديث عن تفاصيل المهرجان وتبيان حيثيات البروتوكول الخاص بإقامته، وإيجاد اجابات وافية عن العديد من التفاصيل والتساؤلات التي تتعلق بالمهرجان، حيث سيكون هناك حضور لجميع الجهات المختصة بتنظيم المهرجان.
عضو اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية بسام حجاوي، كان قد أعلن في تصريح صحفي في وقتٍ سابق أن “مهرجان جرش يعتبر ضمن المنشآت والفعاليات السياحية المتضمنة لخطط الحكومة لفتح القطاعات التي تبدأ في الأول من الشهر المقبل، وسيكون ضمن بروتوكول صحي ليتناسب مع الوضع الوبائي وان الحكومة ما تزال تراقب الوضع الوبائي عن كثب لتتمكن من استكمال خطتها في ظل ظروف وبائية غير مستقرة على المستوى العالمي لفيروس كورونا”.
وعلى الرغم من تصريح الحجاوي بأن الوضع الوبائي في الأردن يُعد تحت سيطرة النظام الصحي وخطة الحكومة في تحقيق الفتح الآمن للقطاعات، إلا أن المهرجان سيكون ضمن وجود بروتوكول خاص للمهرجان سيتم تأكيده و إقراره من قبل لجنة الأوبئة تمهيدًا لإعلان الحكومة للفتح الشامل في أيلول المقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى