الشاشة الرئيسيةمحلياتمقالات

الملك والعقبة …… والكنز المفقود

د. عبدالمهدي القطامين
في اخر زيارة رسمية لجلالة الملك عبدالله الثاني الى العقبة قبل جائحة كورونا التقى بمسؤولي العقبة وقال لهم انت تجلسون على كنز وكان يقصد منتج العقبة السياحي والمثلث الذهبي رم والبتراء لكن وبعد اكثر من عشرين عاما على تحويل العقبة الى منطقة اقتصادية خاصة وعلى الرغم ان ما يزيد على 50 بالمائة من الاستثمارات في العقبة هي استثمارات سياحية الا ان قدرتنا على جلب السياحة الخارجية تحديدا ما زالت دون المستوى والطموح وسأستعرض العديد من النشاطات التي لو وجدت لكانت العقبة غير كمحافظة وكان المثلث الذهبي غير كوجهة سياحية منقطعة النظير على المستوى العالمي .
السائح القادم الى العقبة هو بالتأكيد لا يبحث عن بوفيه مفتوح ولا يبحث عن فندق خمس او ست او سبع نجوم فهو شبعان من دار اهله ووصل الى حد القرف من المدنية التي طغت على حياته في بلده الأصيل وهو يبحث في سياحته عن التفرد والدهشة وهي أشياء ما زالت مفقودة عن منتج العقبة بوجه عام فماذا لو تم منذ زمن ترميم بيوت العقبة القديمة ووضعت على جدول زيارة السائح بحيث يشاهد التراث العقباوي كاملا وحيا على ارض الواقع في الافراح والاتراح وفي الطبخ الشعبي وفي تقاليد الصيد وادواته وفي السمسمية ونغماتها نستطيع بهذا المنتج ان نبقي السائح يوما كاملا في العقبة إضافة الى الأنشطة الأخرى مثل الغوص ومشاهدة المتحف البحري وغيره .
ما يحيط بالعقبة من مناطق هي مناطق خلابة ومتميزة ولا يمكن ان تجد مثلا كثبانا رملية في أي دولة من دول العالم كالكثبان الرملية الموجودة في منطقة ام نخيلة شمال شرق رحمه في تلك الطبيعة الخلابة يمكن ان يمضي السائح يوما كاملا سواء باستحداث رياضة التزلج على الرمل او مشاهدة التاريخ والتراث لأبناء المنطقة وليالي السمر وخبز الصاج وخبز النار حتى الدحية هناك والسامر هي مفردات تستفز دهشة السائح وتبقى في ذهنه امدا طويلا .
في رم يبدو المشهد منوعا قليلا حيث المغامرة في الصحراء وليالي السمر بجانب الموقد والحياة البسيطة والتراثية وتسلق الجبال لكن تلك المفردات باتت في خطر هذه الأيام بعد ان أصبحت المخيمات السياحية لا تختلف كثيرا عن البيئة الفندقية من حيث توفير خدمات خمس نجوم في اغلب المخيمات والموسيقى الصاخبة التي تجتاح اغلب تلك الفنادق في الليل وكان السائح يبحث عن تلك الضوضاء التي يهرب منها في بلاده ماذا لو انه بدلا من تلك التي يسمونها الدي جي الصاخبة جلب كل مخيم شاعر ربابة وحين يلتئم السياح حول موقد النيران والزرب في المساء تروح انغام الربابة تبدد صمت المكان بأوتارها العذبة تلك ستكون اجمل هدية نقدمها للسائح الباحث عن سحر الشرق وليس الهارب من مدنية ضجت بها روحه الى مدنية أخرى مشابهة وكأنك يا أبو زيد ما غزيت .
اجتراح المنتج السياحي الجديد ليس معجزة وليس ضربا من الخيال والسياحة أصبحت منذ زمن بعيد صناعة لها أسسها وقواعدها وادواتها لكننا ما زلنا مصرين ان نبقي الحال كما هي عليه دون ان نبادر الى انتاج منتج سياحي يلبي رغبات الزائر القادم من خلف البحار ليكتشف سحر الشرق ويشاهد حكاياه التي سمع بها في الف ليلة وليلة ولكنه ويا للهول يصدم بان بضاعته المدنية ردت اليه في بلاد الشرق مرة أخرى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى