الشاشة الرئيسيةفكر وثقافة

أمسية شعرية لعيسى وبزيع يناجيان فيها المدن الثكلى

عمان
– الغواص نيوز
ضمن برنامج الأمسيات الشعرية لمهرجان جرش للثقافة والفنون في دورته “37”، قرأ الشاعران د. راشد عيسى واللبناني د. شوقي بزيع، مجموعة من قصائدهما في الأمسية الشعرية التي نظمتها رابطة الكتاب الأردنيين أول من أمس في المركز الثقافي الملكي.

أدار الأمسية الشاعرة والناقدة الدكتورة مها العتوم؛ التي قالت: “نحلق الليلة بجناحي شاعرين لمسا السماء باللغة وبسحر المجاز، وهما شاعران يختلفان في الطريقة، ويتفقان في الغاية، والشعر”. كما قال الناقد القديم ابن حبيب “كالحب والجمال والسراء لا ينتهي منه إلى غاية”.

وأضافت العتوم، أن الغاية من الشعر هي ما يحاول كل شاعر بلوغه عبر تجربته الشعرية الممتدة والمتراكمة، وهذا ما يجعل النقاد يقسمون التجربة الشعرية للشاعر إلى مراحل، لكل مرحلة معطياتها الشعرية وملامحها الفنية والجمالية، وما إن يبلغ الشاعر مرحلة حتى يضع نصب عينيه المرحلة التالية، بوعي حينا ومن دون وعي أحيانا أخرى.
وقالت العتوم: “لا أريد ان أفسد الشعر بالنقد”، فالنقد يفسد الشعر أحيانا، لأنه يضع القيود والشعر يحطمها، والنقد قانون والشعر يتحدى قوانين النقد باللغة ومجازاتها ليعود النقد بوضع قوانين جديدة يتحداها الشعر ويتجاوزها كل مرة، والشاعرين هذه الليلة كبيران ومعروفان وحاضران في الساحة الثقافية العربية، وسيرة كل منهما جديرة بالتقديم والتأمل.
بدأت الأمسية، بقراءة من الشاعر راشد عيسى الذي عبر عن سعادته بهذا الجمهور الذي أطلق عليه اسم “الصفوة من الحضور”، من الشعراء والمبدعين كما وجه تحية للشاعر العربي الكبير طلال حيدر، ثم قرأ مجموعة من قصائده مثل “اعترافات، اعتذار، ميماي، ميسا”.
وقرأ قصيدة من أجواء ما يحدث في فلسطين وخصوصا باب العمود في القدس ودور النساء هناك، تقول القصيدة وهي بعنوان “ميسا”، التي تقول كلماتها “الجدة ميسا خُلِقَتْ من ريق الشمسْ أنزلها اللهُ إلى قريتنا مع موكبِ غيمٍ يحرسها/ فنساءُ الِجّن يَكِدْنَ لها يحسِدْنَ نباهةَ فتنتِها ونساءُ القريةِ يتواردْنَ..”.
وفي مقطع آخر من القصيدة يقول الشاعر: “ولذا كانت صبحا تلد النعناع على الطرقات وليلا تلدُ حجارة/ وتخبئ أدمعها في حب التين وفي قطف العنب وتحت لحاء الزيتونة أو في عين الجارة/ مات الأزواج تباعا/ حتى قمر البيدر مات/ ميسا أم العشرين صبيا والسبع بنات/ ظنوها ماتت وهي تبيع الكعك بباب العامود/ ميسا تسعون سماء في امرأة/ تسعون نشيدا في البال المنكوت/ميسا شاعرة الجرح المعمود”.
ثم قرأ قصيدة بعنوان “اعتذار”، التي يقول في مقاطع منها: “لك مني نعيم الهوى عند كل لقاء/ ولي معك ما يتكسرُ من جرة القلب عن الفراق/ لك هذا الفضاء الرحيبُ البهي العلي السني وما تستطيبين من بهنسة/ ولك الحقُ أن تفركي الشمس في راحتيك وأن تلبسي معطف النرجسة/ وأنا ليس لي غير ظل صغير نقش عن ظله في زقاق/ لك ما تشتهن من العز يمشي حواليك في بهجة باشقة/ولك البسمة البرجوازية الشاهقة”.
وعندما اعتلى الشاعر اللبناني ابن الجنوب شوقي بزيع المنصة رحب بالحضور، حيث قال: “أقرأ الشعر أمام هذا الجمهور النخبوي المميز، فلا يسعني إلا أن أقول: “هناك شاعر، وهناك جمهور مميز ونخبة مميزة في العالم العربي لذلك يشعر الإنسان أنه في امتحان حقيقي، اذ كان على قيد اللغة”. ثم وجه تحية إلى بيروت الجريحة الثكلى، التي يخرج أهلها في هذه اللحظة إلى حيث دفنوها، الآن هم حول مرفئها التاريخي الآن الأمهات الثكالى المفجوعات، ونساء ورجال الجميع الآن يقفون لبيروت حيث يصادف اليوم “انفجار مرفأ بيروت 2020، الذي حصل في 4 آب”.
ثم قرأ مجموعة من قصائده منها “ألزهايمر، المسيني، حنين”، التي يقول فيها “في ذلك الركن القصي من الكتابة/ حيث أفشل في تعقب فكرة/ هربت من الإيقاع/ يحدث فجأة/ أن تدخل أمراه إلى المقهى/ وتجلس باتجاه البحر/ منعكسا على المرآة/ كان جمالها ينحل في الصمت المحايد بيننا/ كمراكب منهوبة الأحزان/ لم تتجشم التحديق في أحد من الجلساء/ لم تلحظ خلو يدي من الكلمات/ بل فتحت كتابا كان يرقد في حقيبتها/ وغامت في تضاعيف الكتابة/في ذلك الركن القصي من الكتاب/ راح يعصف بي حنين جارف للقفز فوق وجودي الفاني/ لتمكين المجاز من التطلع نحو وصدره وتنقية الجمال من التراب/ متأملا في وجهها/ في اللامبالاة التي تعل التفاتته إلى الأشياء/ كدت أرى مجاراة الظلال لضوئه العاري”.
ثم قرأ قصيدة موجهة الى كبار السن وماذا يحدث معهم في كبرهم، القصيدة بعنوان “المسيني”، يقول فيها الشاعر: “النجوم وأطيافها، البرقُ/زقزقة الروح في الريح/ والاشتباه بأني أسابق شهرا من الكستناء/ إلى راحة امرأة/ والجلوس على مقعد شاغر/ بانتظار الحفيف البعيد/ لصيف حزين/هكذا… تطلعين/سلاما على جسد مظلم/ كيف يفتح أنهاره خفية في ظهيرة أنثى/ أو سهاما تمزق بالاشتهاء المجرد صدر السنين/ ورملا يباعد ما بين يومين، لا نلتقي فيهما كي يناما على أمل باللقاء/ ويستر عريهما عنكبوت الحنين/هكذا تطلعين”.
ثم قرأ قصيدة أهداها لكل من فقد الذاكرة وأصيب بالزهايمر والقصيدة هي بعنوان “ألزهايمر”، تقول القصيدة: “في شارع الحمراء/ حيث اعتدت أن أتصفح الطرقات بالأقدام بين البيت والمقهى/التقيت به،/ وكان زميل دراستي زمن الطفولة/ قبل أن ترمي مصائرنا بنا كلا إلى قدر/ وإذ صافحته بحرارة لم يكترث/ بل مد لي بتوجس يده/ وحدق بي مليا/ثم تمتم: مَن ؟/ وفتش عن ذبالة صورتي/ في جيب عتمته فلم يفلح/كما لو أن وجهي محض سوء تفهيم بين الشكوك وبينه”.
تلا ذلك، تكريم الشعراء المشاركين في الأمسية كما تم تكريم الشاعر العربي طلال حيدر، حيث قامت الشاعرة مها العتوم بتوزيع الدروع على المشاركين.
ويذكر أن الشاعر شوقي بزيع، هو شاعر لبناني معاصر ولد في الجنوب اللبناني، في العام 1951. لديه عشرات المؤلفات في الشعر والنثر، فضلا عن مقالاته النقدية والأدبية والثقافية والفكرية.
حاز على جائزة شاعر عكاظ في العام 2010، وجائزة العويس الثقافية في العام 2015. كما حاز على وسام جنبلاط في العام 2010، ووسام فلسطين في العام 2017، وجائزة “الشرف الخاصة” ضمن جائزة محمود درويش للثقافة والإبداع في 13 آذار (مارس) 2020.
أما الشاعر راشد عيسى، فهو ناقد وشاعر أردني، درس اللغة العربية وآدابها بالجامعة الأردنية فحصل منها على شهادة البكالوريوس 1993، وشهادة الماجستير 1996، وشهادة الدكتوراه 2003. عمل مدرسًا للغة العربية في السعودية، ثم عاد إلى الأردن. عين أمينًا لتحرير مجلة الكاتب الأردنية. هو عضو رابطة الكتاب الأردنيين، نالت أغنية الربيع والسلام من تأليفه المركز الأول في مهرجان أغنية الطفل العربي الذي نظمته وزارة الثقافة سنة 1996، كما نالت أغنية دعني لحزني جائزة مهرجان الأغنية العربية من إذاعة المغرب سنة 2004.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى