الشاشة الرئيسيةمنوعات

في ظل التعلم عن بعد.. هل فقد الطلبة مهارات النسخ والكتابة والبحث؟

منذ أن انتقل التعليم من صفوف المدارس إلى داخل البيوت، افتقد الطلبة مهارات عديدة وأساسية، إذ لم تكن تجربة التعلم عن بعد سهلة على الأطفال الذين شهدوا تراجعا في مهارة النسخ والكتابة وغيرها.
ويجد أولياء أمور تحديا كبيرا في المتابعة الصحيحة للأبناء بما يخص الواجبات المدرسية وإن كان بالفعل تحسن أداؤهم أم لا، إذ يحاولون تعويضهم عما فقدوه بعد توقف التعليم الوجاهي لصفوف عدة، وذلك عبر تنمية المهارات الكتابية والحسابية والنسخ والإملاء لديهم، وتكليفهم بحل واجبات وإن كانت أكثر من المطلوب.
وكانت وزارة التربية والتعليم، قد عممت أول من أمس، إلى مديري ومديرات المدارس الحكومية بالتخفيف عن الطلبة من الواجبات البيتية سواء للطلبة الذين يتلقون تعليمهم وجاهيا أو عن بعد.
وبحسب الكتاب الذي صدر عن الوزارة، فإن التخفيف يشتمل على إعطاء الطلبة واجبًا واحدًا أسبوعيا فقط في كل مبحث دراسي على أن يخطط بدقة لتلك الواجبات.
وأشار إلى أن تكون الواجبات حسب التعميم بهدف تعزيز مهارات الطلبة المختلفة بما يساعدهم على تنظيم تعلمهم مع ضرورة إعطائهم الوقت الكافي لإنجاز الواجبات وحث المعلمين على مزيد من العمل لمتابعتها.
“افتقدنا النسخ والبحث عن مفردات الكلمات الجديدة وكتابتها، الإملاء وحل المسائل الحسابية ورسم المنحنيات كذلك”.. هكذا عبرت والدة الطالبة شهد في الصف الخامس، لاسيما وأن معلماتها يكتفين بواجبات قليلة عبر منصة “درسك”.
المشكلة ليست فقط في كونه واجبا واحدا، بحسب والدة شهد، وإنما تراجع مهارة النسخ والإملاء حتى نسي عدد من الطلاب كيفية إمساك القلم والنسخ بصيغته الصحيحة.
تقوال والدة شهد “أعددت جدولا دراسيا خاصا بأبنائي تخلل النسخ وحل مسائل الرياضيات وحفظ مزيد من كلمات اللغة الإنجليزية”؛ حيث تخصص يومي الجمعة والسبت لإعطاء مراجعة تراكمية لمواد الأسبوع والقيام بالمهارات كافة.
وتوافقها الرأي والدة الطالب سلطان في الصف الثالث التي تقوم بإعطاء ابنها بشكل يومي واجبا إضافيا في الرياضيات وآخر في نسخ اللغة الإنجليزية، لاسيما وأن معلمته لم تعد تطلب هذه المهارات من الطلاب، خصوصا ممن اختاروا التعلم عن بعد.
وللوسائل التعليمية وزراعة النباتات وإعداد تجارب انعكاس الضوء نصيب أيضا، وهو ما حرص والد الطالبة ليالي على الاستمرار به، رغبة منه في إبقاء الحماس ذاته لدى ابنته ومساعدتها على فهم المادة بشكل عملي.
الجانب المتعلق بالمعارف والمهارات، مسؤولية المعلمات والمعلمين بشكل أساسي من خلال المنصات، وفق ما تقوله التربوية الدكتورة سعاد غيث، إذ يساعد ذلك على تلبية المتطلبات التعليمية كافة للطالب.
لذلك، على الأهل متابعة العملية التعليمية للأبناء؛ حيث إن الطلاب الأصغر سنا بحاجة لدعم وتوجيه مباشرين، ومتابعة مستمرة لمن يدرسون “عن بعد”، مؤكدة أن المراحل التعليمية الثلاث الأولى تحتاج إلى متابعة حثيثة.
وتضيف غيث أن المعلم أكثر دراية بما يحتاج الطالب لإنجازه بشكل يومي بعد انتهاء الحصة في كل مادة، ويمكن لأولياء الأمور الاستعانة بالمعلمين فيما يتعلق بالواجبات وإن كانت أكثر من المطلوب إنجازه، بحيث يساعد ذلك على تمكين الطلاب من موادهم التعليمية.
وتلفت غيث الى ضرورة معرفة نقاط الضعف لدى الطلبة، سواء في المهارات الحسابية أو النسخ أو القراءة، وبالتالي الاستعانة بالمعلمين لتنمية هذه الجوانب والعمل على تطويرها، ومعالجة مواطن الخلل.
وفيما يتعلق بالطلاب الأكبر عمرا، فلابد من توجيههم وتعليمهم الاعتماد على النفس بمتابعة الواجبات، فالأهل دورهم ينصب على المساعدة وتلبية متطلبات الدراسة.
وتلفت غيث الى أن الدور الكبير لأولياء الأمور في تشجيع الأبناء على النسخ والكتابة وحل مزيد من التمارين والاستمرار في القراءة سواء في اللغة العربية أو الإنجليزية حتى لا يفقد الطالب الشغف في الدراسة من جهة والقدرة على إنجاز تلك المهارات التي كان معتادا عليها خلال التعليم الوجاهي، من جهة أخرى.
وتنصح غيث أولياء الأمور بالاستعانة بالمنصات التعليمية المجانية والفيديوهات المتاحة عبر “يوتيوب”، خصوصا في المراحل التعليمية الأولى، لتمكين الطلبة وتعزيز المهارات التعليمية لديهم والاستفادة من التجارب المعروضة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
إلى ذلك، استفاد عدد من أولياء الأمور من تجربة الاستعانة بالمحتوى المرئي عبر “يوتيوب” للأبناء، خصوصا في فهم شرح مواد معينة صعبت عليهم بالمنصة، واستثمار الوسائل المتاحة والتقنيات بشكل أمثل بما فيه مصلحة الطالب وتشجيعه على المتابعة وتعلم المهارات المختلفة.
كما تنوه غيث إلى أهمية أن يقوم أولياء الأمور بلفت نظر الهيئات التدريسية لإعداد التجارب والوسائل التعليمية المختلفة التي من شأنها تشجيع الطلاب على الرسم وفهم المادة التعليمية.
وتتابع “في حال لمس ولي الأمر ضعفا لدى الطالب في مهارة معينة، عليه إعطاؤه واجبات أخرى وإن لم تكن مطلوبة بالمنهج الدراسي، مثل نسخ وحل مسائل رياضية، ومن الممكن إجراء اختبارات صغيرة ليستطيع الطالب أن يكون أكثر فهما للمادة التعليمية”.
ويمكن للأشقاء الكبار، بحسب غيث أخذ هذا الدور نظرا لكثرة الواجبات والمسؤوليات المترتبة على الأم وضيق الوقت.
ويتفق في ذلك الاختصاصي التربوي الدكتور عايش النوايسة مع غيث، إذ يبين أن الطلبة فقدوا جزءا كبيرا من المهارات خلال عملية التعلم عن بعد وما رافق ذلك من قرارات حدت من تواصل الطلبة مع المعلمين، والتعميم الأخير لوزارة التربية والتعليم بالاكتفاء بواجب واحد أسبوعيا على المنصة.
غياب التغذية الراجعة والتنوع في الواجبات المطروحة على المنصة، وفق النوايسة، يؤدي إلى ضعف مهارات الطلبة وهذا يعني أنهم أمام مشكلة كبيرة خصوصا للصفوف العليا، إذ إن الأصل أن تقوم المدرسة ومن خلال منظومة التعلم عن بعد، ومنصة “درسك” في تقييم الطالب، وزيادة العلامات على الواجبات المدرسية والمهارات الكتابية أكثر من الاختبارات الشكلية التي يتم تقديمها بشكل جماعي على المنصة.
ويعطي النوايسة مثالا على ذلك، بأن يكون حل الواجبات جزءا كبيرا من التقييم المدرسي، كأن يتم رصد 50 % من العلامة على أداء الطالب للواجبات المدرسية والقيام بالمهارات الكتابية والحسابية وإعطاؤه مهام معينة تنمي مهارات البحث والتعلم لديه.
النوايسة يؤكد أيضا، ضرورة أن يقدم الأهل حوافز للأبناء لمتابعة واجباتهم اليومية، وأن يكون هنالك تعاون كبير في المنظومة ككل، الوزارة والمدرسة؛ إذ لن يتمكن الأهل من المتابعة بمفردهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى