الشاشة الرئيسيةمقالات

ايران تستدرج الجميع الى حافات المشهد الخطرة وتكسب، واسرائيل المذعورة تقود تحالفا عربيا مرتبكا ومشتتا فتخسر

الغواص نيوز

أ.د. احمد القطامين
عربيا نعيش لحظات مرتكبة وشاذة، قد تكون واحدة من اكثر لحظات التاريخ غرابة وانفلاتا من قوانين الصراع من اجل البقاءعبر التاريخ. فاسرائيل تعاني من عزلة دولية شاملة بسبب سلوكياتها العنصرية ضد الفلسطينيين، وتكاد ان تفقد مصدر الاكسجين الذي يبقيها على قيد الحياة كدولة وكمجتمع استيطاني عنصري في فلسطين، وهي الولايات المتحدة الامريكية التي تتحدى اسرائيل ارادتها في ملفات عديدة من بينها ملف الصراع الاسرائيلي مع ايران حول المشروع النووي الايراني الذي ترى ادارة بايدن ان قواعد الاشتباك معه يجب ان تبقى دبلوماسية بينما تصر اسرائيل ان تلك القواعد يجب ان تكون عسكرية.
مفارقة، وقد تكون ام المفارقات في التاريخ العربي المعروف ان تقف الدول العربية في تحالف مع عدوة الامس اسرائيل التي كانت وستظل عدوا تاريخيا للامة العربية والاسلامية بينما تجري تحولات كبرى في مواقف الامم الاخرى منها بسبب عدوانيتها وعنصريتها التي شغلت العالم خلال سبعين عاما من سيطرتها على فلسطين وتشريد شعبها.
ايران تجيد اللعب في معادلات الاستراتيجيا وتدفع الجميع على المستوى الاقليمي والدولى الى حافات المشهد الخطرة حيث يصبح الصراع مخيفا والنتائج محفوفة بالمخاطر الكبرى، حالة يصبح فيها الخطأ ممنوعا والا فالكارثة محققة.. وتستفيد ايران من حالة خوف الاطراف من الوقوع عن حافة المشهد في تثبيت ما تريد انجازه، فتارة تخلق وضعا يتطلب من اسرائيل ان تسلك مسارا معينا سرعان ما تكبو فيه كحرب السفن مثلا وتارة اخرى ترسل صاروخا ذكيا يتجول في سماء فلسطين المحتلة ليفجر نفسه على تخوم منطقة مفاعل ديمونا بينما العالم يقف مشدوها امام عجز اسرائيل عن التصدي بالرغم من سمعتها المعروفة في مجال القدرات العسكرية.. انه ضغط قاتل على اعصاب الصهاينة لم يتسن لهم مواجهته على مدار سبعين عاما من الصراع مع العرب.
اذن هي حرب طاحنة بين ايران واسرائيل، لكنها بالاساس حرب ارادات، فمن تضعف ارادته اولا يخسر في حربٍ الخاسر فيها تنتهي به الحالة الى الدمار والزوال، وهذا يعطي صبغة استراتيجية خاصة لهذا الصراع، فهو اقرب الى الصراع الوجودي الحاسم.
في خضم هذه الحرب المصيرية يقف العرب كعادتهم في العصر الحديث على الجانب الخاطئ من الصراع متوهمين انهم سيستدرجون اسرائيل لخوض حرب لا مبرر لها عربيا مع ايران التي تشكل من وجهة نظرهم تهديدا مصيريا لانظمة الحكم العربية التي لم تتغير طريقتها في الحكم وادارة الدول منذ نشأت خلال السبعين عاما الماضية.
الواقع ان اسرائيل تعلم علم اليقين ان العرب كما الايرانيون اعداء تاريخيون لها، وان استراتيجيتها الدائمة هي اضعافهما معا وخلق اسباب الفرقة بينهما لتبقى هي قادرة على استمرار اغتصاب فلسطين والبقاء في منأى عن التصفية المحتملة التي تشكل هاجس مجتمع دولة الاحتلال.
يبقى ان يفهم العرب والايرانيون ان حالهم سيكون افضل واقوى عندما يكونان معا، وان الخلافات بينهما لا تزيد عن كونها خلافات وهمية لا ترتقي الى مستوى ان تكون سببا لصراع دائم ومهلك وغبي كهذا الصراع..
qatamin8@hotmail.com
*اكاديمي وكاتب اردني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى