عي سيدة الحكايه
سالم طه الفقراء
سلسلة حكايات ونوافذ لم تسقطها الذاكرة ، نطل منها على ماض بعيد قريب كان فيه اغلى النساء واعز الرجال بعد ان بات صمتهم غيما” غير ممطر .
قد تكون بقايا ذكريات واحلام صادقة عفوية تقطعت بها السبل خارج حدود المكان واطر الزمان . او بقايا صور تقطعت اوصالها ، باقية هنا وباقية هناك . وبقايا ذاكرة وصحة في توالي العمر ، ادراك بعضها يشبه قشة اتت على العين فادمعتها وانساب الدمع يجرجر الذكرى الى زمن بعيد .
هي مهوى الفؤاد لابنائها وقصة حنين حزينه ، ليست جغرافيا وتضاريس من سهل وواد وجبل وحجر وليست بستان تين وزيتون او بشر ، انها عي يا سادة سيدة الحكاية ، هي كالحب في اول العمر او كريح في براري الصمت . يكفيها ان فيها قبور اجداد وجدات وآباء وامهات وأخوة واخوات واعمام وعمات واخوال وخالات ، تعز على النسيان وتعز على الصمت وفيها كل الذكريات .
نعم هي عي سيدة الحكايه ، كانت فيها بداياتكم وفيها تفتحت اسئلتكم في البحث عن وجودكم ومعرفتكم وهي المكان الذي كانت منه ثفافتكم . وفيها تبادلتم الفريكة والقلية والبسيسة وحبة الرمان وقشر القطين وبقايا قطف عنب ذابل لم يمهله جوعكم ان يصبح زبيبا” . هي عي سيدة الحكاية التي فيها تبادلتم دفاتركم الممزقة وبقايا اقلام اكلت منها حجارة الصوان . هي عي ياساده التي تبادلتم فيها الحلم والفقر وكانت خارطة طفولتكم وطموحاتكم بل هي اكثر من ذلك اذا تذكرتم عي الستينات والسبعينات وبداية الثمانينات .
نعم هي عي سيدة الحكاية ، لم اندم يوما” انني انفقت عمري في حبها ، هائما” في طرقاتها ، معانقا” حيطان بيوتها ، ومستضلا” شجيرات فيها يأبين الا ان يبقين احياء رغم الموت الذي يلتف حولهن . احاورها احيانا” واستنطقها مجادلا” ، فتقبل علي حينا” وتدير ظهرها عابسة عازفة” عن البوح احيانا .
انها عي العظمية من الحِد الى السِد ومن الملتفتتة الى علقان ، عي الحرجه وابو شامه وابو رويسين وابوخليل والصفصافه والجهير وسدر العفن والقس والمنطره والقواعة ، عي التين والزيتون والرمان والقمح والفقوس . ما زالت حية لم تموت ولن تموت ولن تصبح قبيحة ولا فضة القلب عديمة المشاعر ، فما زالت تسكن اعماق الكثيرين وتشكل احلامهم ، وما زالت تشهد طرقاتها كم مشيتم في زواريبها وكم شجرة تسلقتم ، وكم جريتم فيها حبورا” وهرولتم شوقا” .
اما انا وها انا اثقلت كاهلي السنون ، ساكتب عن عي بخطى واثقة وساطرق ابواب الماضي بحنين ، غير مستكين فما زلت اولد فيها كل يوم . والى اللقاء في الجزء الثاني للمنشور تجنبا” للاطالة .