الشاشة الرئيسيةفكر وثقافة

المرأة.. نهضة ساهمت في الارتقاء بالوطن

منذ نشأة الدولة؛ استطاعت المرأة الأردنية أن تضع بصمتها وتشارك في تحديد ملامح الدولة الأردنية التي تطورت ونهضت خلال المائة عام بجهود من نذروا أرواحهم لخدمة البلد ونموها والارتقاء بها.
هن الأردنيات اللواتي أنجبن حماة الوطن، وهن المعلمات اللواتي ربين الأجيال، الذين بنوا كل شبر فيه، وهن الطبيبات والممرضات اللواتي جعلن من القطاع الطبي قطاعا يفاخر به الأردن باقي الأمم، ووقفن كتفا بكتف مع الرجال لينسجن إرث الأردن وتاريخه عبر المئة عام وينهضن به ويعبرن به من عقد إلى عقد.
لطالما كانت المرأة وما تزال ومنذ بدء الدولة الأردنية تلعب دورا مهما في نهضة الوطن وتنمية المجتمع المحلي في كل مدن المملكة وقراها مسجلة بذلك قصص نجاح وعطاء لا ينضب.
النائب السابق ورئيسة ائتلاف البرلمانيات العربيات لمناهضة العنف ضد المرأة، رئيسة اللجنة القانونية في المركز الوطني لحقوق الإنسان وفاء بني مصطفى تؤكد بدورها الدور الكبير والأساسي للمرأة في بناء الدولة الأردنية وظهر هذا الدور للعيان خلال حكم المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال، اذ شهدت فترة حكمه انخراط عدد كبير من الفتيات في السلك التعليمي، الأمر الذي جعله جزءا مهما من مؤسسات الدولة.
ولعل من القطاعات التي ساهمت المرأة الأردنية في بنائها بحسب بني مصطفى، القطاعين التعليمي والصحي، حيث تفوق نسبة النساء المشتغلات في هذين القطاعين الرجال، وبالتالي كان لهن دور أساسي ومباشر.
من جهة أخرى بدأت مشاركة النساء السياسية بدخول أول وزيرة في العام 1979 وهي السيدة أنعام المفتي وبعدها دخول عدد من النساء الأردنيات إلى مجلس الأعيان ودخول أول نائبة أردنية إلى مجلس النواب في العام 1993.
وتضيف بني مصطفى أن مشاركة النساء السياسية بصنع القرار تعززت وتوطدت في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، وتوجيهاته الخاصة بإقرار الكوتا النسائية وتوسيع مشاركة المرأة والمستويات التمثيلية المتعددة، الأمر الذي زاد من نسبة مشاركة المرأة في المجالس البلدية وزادت عن النسبة المحددة بالقانون والتي تبلغ 25 % لتصل إلى 41 %.
وعلى صعيد مشاركة النساء في البرلمان الأردني فقد وصلت عدد المقاعد إلى 15 مقعدا، آملين خلال حزمة الإصلاحات السياسية المقبلى أن تزيد نسبة تمثيل النساء في كل المجالات.
وتؤكد بني مصفى الدور المهم للنساء اللواتي وصلن إلى مواقع صنع القرار في إجراء الإصلاحات وتولي الحقائب المهمة كالنقل والطاقة والسياحة والإعلام، مشيرة إلى أنهن شغلن مناصب متعددة وكثيرة وحققن إنجازات هامة ضمن الحكومات التي كن من ضمنها.
أما النساء في البرلمان فتمكن من أن يكن بحسب بني مصطفى، رئيسات لجان وكتل نيابية وأن يقدمن آداء نيابيا مهما ويؤثرن في المسار التشريعي عبر آداء رقابي قوي على الحكومات المتتالية وهو إنجاز مهم جدا وأساسي.
ولابد من الإشارة إلى أن النساء وعبر شكلين من الاقتصاد المنظم وغير المنظم كان لهن دور كبير وأساسي في دفع عجلة النمو الاقتصادي ورفع الناتج الاجمالي المحلي للاقتصاد الأردني، وهو أمر في غاية الأهمية وفق بني مصطفى.
المختص بعلم الاجتماع الدكتور محمد جريبيع يشير بدوره إلى أنه عند الحديث عن تطور الدولة الأردنية، فإننا نتحدث عن مساهمة المرأة الأردنية في هذا التطور خلال مائة عام، إذ من غير الممكن إنكار الدور الكبير الذي لعبته في المجالات الاقتصادية والتعليمية والسياسية والاجتماعية.
ويبدو أن الدور الكبير الذي لعبته المرأة ظهر جليا في الجانب التعليمي بحسب جريبيع، في ظل وجود حجم كبير من القوى العاملة النسائية في قطاع التعليم، ما ساهم في تأسيس الدولة الأردنية ووضع الخطوط الأساسية فيها.
وعلى الصعيد الاجتماعي تضع المرأة الأردنية بصمتها منذ 1946 وفق جريبيع، عندما بدأت منظمات المجتمع المدني التي أسستها نساء، ابتداء من إيميلي بشارات وحتى يومنا هذا، معتقدا أن دور المرأة في تأسيس الدولة وتطورها لايقل أهمية عن دور الرجل بل هو مناصف له ومرافق لكل مناحي الحياة.
ويقول جريبيع، عند الحديث عن تطور المجتمع، فإن الحديث يكون عن تطور الدولة، وبالتالي تطور فئات المجتمع المرأة والرجل وهي علاقة ارتباطية، بمعنى كلما تطور دور المرأة والرجل زاد ذلك من بناء المجتمع وتطور الدولة وازدهارها.
ويقول “منح مساحات واسعة لمشاركة المرأة والرجل والشباب في الدولة يلعب دورا كبيرا في تطورها”، و لعل الدور الأبرز للمرأة في المجال الاجتماعي، أنها مازالت تتقدم بخطوات كبيرة من خلال تأسيس الجمعيات الخيرية والقيام بدور اجتماعي عال جدا.
ويستدرك جريبيع، عند النظر إلى مساهمة المرأة في المجتمع فإننا ننظر إلى دورها في أزمة كورونا، حيث لعبت دورا كبيرا جدا في المجال الاجتماعي من خلال التواصل وتقديم المساعدات وهذا لايقل أبدا عن دور كل مؤسسات المجتمع الأردني.
ويلخص جريبيع دور المرأة في تأسيس الدولة الأردنية بأنه كان مرافقا تماما ومسايرا لدور الرجل وساهمت وبشكل كبير في بناء مؤسسات بالدولة والمجتمع مدني، وتلعب دورا كبيرا وفاعلا فيها وهي صاحبة الفضل في نمو كثير من المؤسسات.
المحامية دينا عوني البشير عضو مجلس النواب ونائب رئيس مجلس النواب، بدورها تشير إلى أهمية دور المرأة الأردنية في جوانب متعددة، فعلى الصعيد التعلمي، كان التعليم الحكومي مقتصرا في الماضي على الذكور مع استثناء الإناث، لكن بعد ذلك تدريجيا تحققت النهضة التعليمية في المملكة، والتي كانت أبرز نتائجها اقتراب الأمية من نسبة الصفر.
ومن جهة أخرى تبين البشير الانعكاسات الإيجابية لتسليح الإناث بالعلم والمعرفة، وتنشئة الجيل الصاعد من الأبناء، وفي الاتجاه ذاته هنالك ارتفاع في نسبة التعليم الجامعي للإناث التي تتجاوز في بعض الجامعات 50 %.
في الجانب الاقتصادي، ونتيجة طبيعية لارتفاع نسبة التعليم لدى الإناث؛ شهد الأردن مشاركة اقتصادية للمراة في كل القطاعات، مع الأخذ بعين الاعتبار أنها بنسبة كبيرة وفعالة في القطاع العسكري وفي قطاعي التريية والتعليم وفي قطاع الصحي.
وعلى الصعيد السياسي تطورت مشاركة المرأة في الأردن خلال المئة عام الماضية بحسب البشير، ففي البداية اقتصرت ممارسة حق الانتخاب على الرجال ثم انتقلت بعد عقود من ذلك إلى مرحلة منح المرأة هذا الحق ثم مشاركتها في الانتخابات كناخبة وبعد ذلك تطور الأمر، حيث بدأت النساء بالترشح للانتخابات العامة.
وتؤشر البشير إلى بادرة الدولة بتخصيص كوتا نسائية في البرلمان والتي بدأت منذ العام ٢٠٠٣ وكان ذلك خطوة مهمة لتوسيع مشاركة المرأة في الحياة النيابية، ورافق ذلك تعيين عدد من النساء في مجلسي الوزراء والأعيان.
في الجانب التنموي، تشير البشير إلى عمل عدد كبير من النساء الأردنيات بمنظمات غير حكومية في مختلف المجالات، خاصة المنظمات والاتحادات النسائية الهادف إلى زيادة التوعية السياسية للمرأة وكذلك زيادة مساهمتها في سوق العمل، إلى جانب العديد من الشركات الخاصة التي قامت على تأسيسها عدد من النساء والتي تساهم في محاربة البطالة. وقد كان لكل تلك الجهود انعكاس على التنمية بمختلف أنواعها وأشكالها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى