الشاشة الرئيسيةمقالات

نحو مجلس مصغر لرسم السياسات

الدكتور عبدالمهدي القطامين
في دولة مستقرة عمرها مئة عام اصبح من الواجب الان ان يكون لدينا مجلس للسياسات ليس على غرار المجلس الحالي والذي يبدو انه لا يقدم كل ما هو مطلوب من نصح وارشاد للدولة في اللحظات الحرجة وفي الازمات التي بدأت تظهر بين حين وآخر وبشكل متزايد ولعل احد اسباب هذه الازمات هو تراجع اداء المؤسسات العامة والوزارات وميلها الى تسليك الحال القائم الذي لا يسر على اية حال.
رسم السياسات العامة يحتاج الى خبرات متراكمة ولا يستطيع اي مار من خلال الواسطة او لأي سبب آخر ان يقوم برسم سياسة عامة لدولة لأن علم الادارة يقول ان التجربة والقصص هي احد مقومات استخلاص النتائج دون المرور بحالات متوالية من الشك وعدم التيقن والخبير عادة لا يميل الى التجريب بل يستمد.قدرته على الوصول الى العلاج دون تجارب سريرية هو يعرفها اكثر من غيره .
الدولة الاردنية لم تكن يوما كما هي الان فقد مرت بالعديد من التجارب والاحداث والازمات لكنها كانت تخرج منها اكثر قوة واشد عزما واكثر صلابة لكنها الان باتت اقرب الى دولة التجريب المفضي الى نتائج عكسية او على الاقل الى نتائج غير مرضية او لا تنسجم مع مايريده العقل المخطط ولعل ضعف الاداء في الادارة العامة هو احد هذه الاسباب الموهية وهذا الضعف لم يأت من فراغ لكنه نتيجة تراكمات لملابسات واليات اختيار وتعيين قيادات الدولة العليا التي كان اهم ملامحها لعبة العلاقات العامة بعيدا عن الكفاءة والقدرة على اتخاذ القرار الصحيح قي الوقت المناسب وبأقل الكلف وهو ما يعرف بأسم جودة القرار .
عقل الدولة المدبر حين يشترك فيه مجلس او هيئة او نخبة فأن القدرة على الانجاز تتضاعف اكثر خاصة في وقت الازمات التي تحتاج الى ادارة سريعة وحاسمة تتعامل مع الحدث او الازمة فور وقوعها بل المطلوب منها ان تتلافى وقوعها قبل ان تحدث عبر وضع سيناريوهات خاصة وبدائل تمنع حدوثها .
من المؤكد ان الاردن ليست دولة عابرة او طارئة او مستحدثة بل هي دولة ذات بعد تاريخي عريق وفي مسيرتها الحديثة خلال مئويتها الاولى على الرغم من انها ظلت في عين العاصفة التي تحيط بها من كل الجهات حافظت على استقرارها وتطورها كدولة تنتهج نهجا عقلانيا في كافة علاقاتها وتوازن بين الابعاد الوطنية والقومية والدولية في حين ان عديد الدول في المنطقة انزلقت الى صراعات داخلية واقليمية اطاحت بها وجعلتها من الدول الفاشلة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى